سورة طه
مكية وآياتها خمس وثلاثون ومائة آية
بين يدي السورة
سورة طه مكية، وهي تبحث عن نفس الاهداف للسور المكية، وغرضها الاساسى التركيز على اصول الدين من (التوحيد، والنبوة، والبعث والنشور) في هذه السورة الكريمة تظهر شخصية الرسول (ص) في شد أزره، وتقوية روحه، حتى لا يتأثر بما يلقى اليه من السفاهة والعناد، والاستهزاء والتكذيب، ولارشاده الى وظيفته الاساسية، وهي التبليغ والتذكير، والانذار والتبشير، وليس عليه ان يجبر الناس على الايمان. عرضت السورة لقصص الانبياء، تسلية لرسول الله (ص) وتطمينا لقلبه الشريف، فذكرت بالتفصيل قصة (موسى) و(هارون ) مع فرعون الطاغية الجبار ويكاد يكون معظم السورة في الحديث عنها، وبالأخص موقف المناجاة بين موسى وربه، وموقف تكليفه بالرسالة، وموقف الجدال بين موسى وفرعون، وموقف المبارزة بينه وبين السحرة، وتتجلى في ثنايا تلك القصة رعايةُ الله لموسى، نبيه وكليمه، لإهلاك الله لأعدائه الكفرة المجرمين. وعرضت السورة لقصة آدم بشكل سريع خاطف، برزت فيه رحمة الله لآدم بعد الخطيئة، وهدايته لذريته بإرسال الرسل مبشرين ومنذرين، ثم ترك الخيار لهم لإختيار طريق الخير او الشر. وفي ثنايا السورة الكريمة تبرز بعض مشاهد القيامة، في عبارات يرتجف لها الكون، وتهتز لها القلوب هلعا وجزعا، و ما يصيب الناس من الذهول والسكون [ وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا ]. وعرضت السورة ليوم (الحشر الأكبر)، حيث يتم الحساب العادل، ويعود الطائعون الى الجنة، ويذهب العصاة الى النار، تصديقا لوعد الله الذي لا يتخلف، بإثابة المؤمنين وعقاب المجرمين. وختمت السورة ببعض التوجيهات الربانية للرسول (ص) في الصبر وتحمل الأذى في سبيل الله حتى يأتي نصر الله.
التسمية :
سميت " سورة طه " وهو اسم من اسمائه الشريفة (ص) تطييبا لقلبه، وتسلية لفؤاده عما يلقاه من صدود وعناد، ولهذا ابتدأت السورة بملاطفته بالنداء [ طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى ].
اللغة :
[ بقبس ] القبس : شعلة من نار
[ المقدس ] المطهر والمبارك
[ طوى ] اسم للوادي
[ فتردى ] تهلك والردى : الهلاك
[ أهش ] اخبط بها الشجر ليسقط الورق
[ مآرب ] جمع مأربة وهي الحاجة
[ جناحك ] الجناح : الجنب، وجناحا الانسان جنباه لان يدي الانسان يشبهان جناحي الطائر
[ أزري ] الأزر : القوة يقال : آزره اي قواه ومنه
[ فآزره فاستغلظ ] قال الشاعر : أليس أبونا هاشم شد أزره وأوصى بنيه بالطعان وبالضرب
[ اليم ] البحر
[ تقر عينها ] تسر بلقائك.
التفسير :
[ طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى ] الحروف المتقطعة للتنبيه الى اعجاز القرآن وقال ابن عباس : معناها يا رجل، ومعنى الآية : ما انزلنا عليك يا محمد القرآن لتشقى به، انما انزلناه رحمة وسعادة، روى ان رسول الله (ص) لما نزل عليه القرآن، صلى هو واصحابه فأطال القيام فقالت قريش ؟ ما انزل الله هذا القرآن على محمد الا ليشقى، فنزلت هذه الآية
[ إلا تذكرة لمن يخشى ] اي ما انزلناه الا عظة وتذكيرا لمن يخشى الله ويخاف عقابه، وهو المؤمن المستنير بنور القرآن
[ تنزيلا ممن خلق الأرض والسموات العلى ] اي انزله خالق الارض، ومبدع الكون، ورافع السموات الواسعة العالية، والآية اخبار عن عظمته وجبروته وجلاله، قال في البحر : ووصف السموات بالعلى، دليل على عظمة قدرة من اخترعها، اذ لا يمكن وجود مثلها في علوها من غيره تعالى
[ الرحمن على العرش استوى ] اى ذلك الرب الموصوف بصفات الكمال والجمال، هو الرحمن الذى استوى على عرشه استواء يليق بجلاله، من غير تجسيم، ولا تشبيه، ولا تعطيل، ولا تمثيل كما هو مذهب السلف


الصفحة التالية
Icon