سورة الأنبياء
مكية وآياتها اثنتا عشرة ومائة آية
بين يدي السورة
هذه السورة مكية وهي تعالج موضوع العقيدة الاسلامية في ميادينها الكبيرة (الرسالة، الوحدانية، البعث والجزاء) وتتحدث عن الساعة وشدائدها، والقيامة واهوالها، وعن قصص الانبياء المرسلين، صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين. ابتدأت السورة الكريمة بالحديث عن غفلة الناس عن الآخرة، وعن الحساب والجزاء، بينما القيامة تلوح لهم، وهم عن ذلك اليوم الرهيب غافلون، وقد شغلتهم مغريات الحياة عن الحساب المرقوب.
ثم انتقلت الى الحديث عن المكذبين، وهم يشهدون مصارع الغابرين، ولكنهم لا يعتبرون ولا يتعظون، حتى اذا ما فاجأهم العذاب، رفعوا اصواتهم بالتضرع والاستغاثة، ولكن هيهات ان ينفع الندم، او تفيد الاستغاثة. وتناولت السورة دلائل القدرة في الأنفس والآفاق، لتنبه على عظمة الخالق المدبر الحكيم، فيما خلق وأبدع، ولتربط بين وحدة الكون، ووحدة الإله الكبير جل جلاله. وبعد عرض الادلة والبراهين، الشاهدة على وحدانية رب العالمين، تذكر السورة حال المشركين، وهم يتلقون الرسول (ص) بالاستهزاء والسخرية والتكذيب، وتعقب على ذلك بسنة الله الكونية في اهلاك الطغاة المجرمين ثم تتناول السورة الكريمة قصص بعض الرسل، وتتحدث بالاسهاب عن قصة " ابراهيم " عليه السلام مع قومه الوثنيين، في اسلوب مشوق، فيه من نصاعة البيان، وقوة الحجة والبرهان، ما يجعل الخصم يقر بالهزيمة في خنوع واستسلام، وفي قصته عبر وعظات، لمن كان له قلب وفكر سليم.. وتتابع السورة الحديث عن الرسل الكرام فتتحدث عن (اسحاق، ويعقوب، ولوط، ونوح، وداود، وسليمان، وايوب، واسماعيل، وادريس، وذي الكفل، وذي النون، وزكريا، وعيسى) بايجاز، ولهذا سميت سورة الانبياء، مع بيان الاهوال والشدائد التي تعرضوا لها، وتختم ببيان رسالة سيد المرسلين محمد بن عبد الله المرسل رحمة للعالمين.
التسمية :
سميت " سورة الانبياء " لان الله تعالى ذكر فيها جملة من الانبياء الكرام فى استعراضٍ سريع، يطول احيانا ويقصر احيانا، وذكر جهادهم وصبرهم وتضحيتهم في سبيل الله، وتفانيهم في تبليغ الدعوة لاسعاد البشرية.
اللغة :
[ أضغاث ] اخلاط جمع ضغث وهي الاهاويل التي يراها الانسان في منامه
[ قصمنا ] القصم : كسر الشيء الصلب يقال : قصمت ظهره وانقصمت سنه اذا انكسرت
[ يركضون ] الركض : العدو بشدة، والركض ضرب الدابة بالرجل حثا على العدو
[ خامدين ] خمدت النار طفئت والخمود الهمود ويراد به الموت تشبيها بخمود النار
[ فيدمغه ] دمغه : اصاب دماغه نحو كبده ورأسه اصاب كبده ورأسه
[ يستحسرون ] يعيون، مأخوذ من الحسير وهو البعير المنقطع بالإعياء والتعب.
التفسير :
[ اقترب للناس حسابهم ] اي قرب ودنا وقت حساب الناس على اعمالهم
[ وهم في غفلة معرضون ] اي وهم مستغرقون في الشهوات، غافلون عن ذلك اليوم الرهيب، لا يعملون للآخرة، ولا يستعدون لها، كقول الشاعر : الناس في غفلاتهم : ورحى المنية تطحن، وانما وصف الآخرة بالاقتراب لان كل ما هو آت قريب
[ ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث ] اي ما يأتيهم شيء من الوحي والقرآن من عند الله، متجدد في النزول، فيه عظة لهم وتذكير
[ إلا استمعوه وهم يلعبون ] اي الا استمعوا القرآن مستهزئين، قال الحسن : كلما جدد لهم الذكر استمروا على الجهل،
[ لاهية قلوبهم ] اي ساهية قلوبهم عن كلام الله، غافلة عن تدبر معناه
[ وأسروا النجوى الذين ظلموا ] اي تحدث المشركون فيما بينهم سرا
[ هل هذا الا بشر مثلكم ] اي قالوا فيما بينهم خفية : هل محمد الذي يدعي الرسالة، الا شخص مثلكم يأكل الطعام ويمشي في الاسواق ؟