سورة الروم
مكية وآياتها ستون آية
بين يدي السورة
سورة الروم مكية، وأهدافها نفس أهداف السورة المكية، التي تعالج قضايا العقيدة الإسلامية، في إظارها العام وميدانها الفسيح " الإيمان بالوحدانية، وبالرسالة، وبالبعث والجزاء ".
* ابتدأت السورة الكريمة بالتنبؤ عن حدث غيبي هام، أخبر عنه القرآن الكريم قبل حدوثه، ألا وهو انتصار الروم على الفرس، في الحرب التي ستقع قريبا بينهما، وقد حدث كما أخبر عنه القرآن، وبذلك تحققت النبوءة، وذلك من أظهر الدلائل على صدق محمد (ص) فيما جاء به من الوحي، ومن أعظم معجزات القرآن [ الم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون ] الآيات.
* ثم تحدثت السورة عن حقيقة المعركة بين حزب الرحمن، وحزب الشيطان، وأنها معركة قديمة قدم هذه الحياة، فالحرب لا تهدأ ما دام هناك حق وباطل، وخير وشر، وما دام الشيطان يحشد أعوانه وأنصاره لإطفأء نور الله، ومحاربة دعوة الرسل الكرام، وقد ساقت الآيات دلائل وشواهد على انتصار الحق على الباطل، في شتى العصور والدهور، وتلك هي سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلا [ ويوم تقوم الساعة يبلس المجرهون ولم يكن لهم من شركائهم شفعاء وكانوا بشركائهم كافرين ] الآيات
* ثم تناولت السورة الحديث عن القيامة وأهوالها وعن المصير المشنوم لأهل الكفر والضلال في ذلك اليوم العصيب، حيث يكون المؤمنون في روضات يحبرون، ويكون المجرمون في العذاب محضرين، وتلك نهاية المطاف للأبرار والفجار، والعاقبة الموكدة للمحسنين والمجرمين [ ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفزقون. فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم فى روضة يحبرون. وأما الذين كفروا وكذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة فأولئك في العذاب محضرون ] الآيات.
* وتناولت السورة بعد ذلك بعض المشاهد الكونية، والدلائل الغيبية، الناطقة بقدرة الله ووحدانيته، لإقامة البرهان على عظمة الواحد الديان، الذي تخضع له الرقاب، وتعنو له الوجوه، وضربت بعض الأمثلة للتفريق والتمييز بين من يعبد الرحمن، وبين من يعبد الأوثان [ فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون. وله الحمد فى السموات وفى الأرض وعشيا وحين يظهرون ] الآيات.
* وختمت السورة بالحديث عن كفار قريش، إذ لم تنفعهم الآيات والنذر ومهما رأوا من الآيات الباهرة، والبراهين الساطعة، لا يعتبرون ولا يتعظون، لأنهم كالموتى لا يسمعون ولا يبصرون، وكل ذلك بقصد التسلية لرسول الله (ص) لحينه عما يلقاه من أذى المشركين، والصبر حتى يأتي النصر.
التسمية :
سميت بسورة الروم " لذكر تلك المعجزة الباهرة، التي تدل على صدق أنباء القرآن العظيم [ ألم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين ] وتلك هي بعض معجزات القرآن.
قال الله تعالى :[ ألم غلبت الروم في أدنى الأرض.. ] إلى قوله [ وكذلك تخرجون ] من آية ( ١ ) إلى نهاية آية (١٩ ).
اللغة :
[ يغلبون ] يهزمون ويقهرون
[ أثاروا الأرض ] حرثوها وقلبوها للزرا عة
[ السوءى ] تأنيث الأسوء وهو الأقبح، كما أن الحسنى تأنيث الأحسن، والسوءى : العقوبة المتناهية في السوء
[ بحبرون ] يسرون يقال : حبره إذا سره سرورا تهلل له وجهه وظهر عليه أثره، قال الجوهري : الحبور : السرور، ويحبرون : ينعمون ويسرون
[ عشيا ] العشي : من صلاة المغرب إلى العتمة
[ تظهرون ] تدخلون وقت الظهيرة.
التفسير :
[ ألم ] الحروف المقطعة للتنبيه على إعجاز القرآن
[ غلبت الروم في أدنى الأرض ] أي هزم جيش الروم، في أقرب أرضهم إلى فارس
[ وهم من بعد غلبهم سيغلبون ] أي وهم من بعد انهزامهم، وغلبة فارس لهم سيغلبون الفرس، وينتصرون عليهم


الصفحة التالية
Icon