سورة لقمان
مكية وآياتها أربع وثلاثون آية
بين يدي السورة
* هذه السورة الكريمة " سورة لقمان " من السور المكية، التي تعالج موضوع العقيدة، وتعنى بالتركيز على الأصول الثلاثة لعقيدة الإيمان وهي (الوحدانية، والنبؤة، والبعث والنشور) كما هو الحال في السور المكية.
* ابتدأت السورة الكريمة بذكر الكتاب الحكيم، معجزة محمد الخالدة، الباقية الدائمة على مدى الزمان، وأقامت الحجج والبراهين على وحدانية رب العالمين، وذكرت دلائل القدرة الباهرة، والإبداع العجيب، في هذا الكون الفسيح، المحكم النظام، المتناسق في التكوين، فى سمائه وأرضه، وشمسه وقمره، ونهاره وليله، وفي جباله وبحاره، وأمواجه وأمطا ره، ونبأته وأشجا ره، وفي سائر ما يشاهده المرء من دلائل القدرة والوحدانية، مما يأخذ القلب، ويبهر العقل، ويواجه الإنسان مواجهة جاهرة، لا يملك معها إلا التسليم بقدرة الخالق العظيم [ الم تلك آيات الكتاب الحكيم هدى ورحمة للمحسنين الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم يوقنون ] الآيات.
* كما لفتت أنظار المشركين إلى دلائل القدرة والوحدانية منبثة في هذا الكون البديع، وهزت كيانهم هزا [ هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه بل الظالمون في ضلال مبين ].
* وختمت السورة الكريمة بالتحذير من ذلك اليوم الرهيب الذي لا ينفع فيه مال ولا بنون [ يا أيها الناس اتقوا ريكم واخشوا يوما لا يجزي والد عن والده، ولا مولود هو جاز عن والده شيئا ] الآية.
التسمية :
سميت سورة لقمان لاشتمالها على قصة " لقمان الحكيم " التي تضمنت فضيلة الحكمة وسر معرفة الله تعالى وصفاته، وذم الشرك، والأمر بمكارم الأخلاق، والنهي عن ا لقبائح والمنكرات وما تضمنته كذلك من الوصايا الثمينة التي أنطقه الله بها، وكانت من الحكمة والرشاد بمكان !.
اللغة :
[ الحكيم ] المحكم الذي لا خلل فيه ولا تناقض
[ بوقنون ] اليقين : التصديق الجازم
[ لهو الحديث ] الباطل الملهي عن الخير والعبادة
[ وقرا ] ثقلا وصمما يمنع من السماع
[ عمد ] جمع عماد وهو الدعامة التي يرتكز عليها الشيء
[ رواسي ] جبالا ثوابت، ورست السفينة : إذا ثبتت واستقرت
[ تميد ] تتحرك وتضطرب
[ بث ] نشر وفرق.
سبب النزول :
روي أن " النضر بن الحارث " كان يشتري المغنيات، فلا يظفر بأحد يريد الإسلام إلا انطلق به إلى قينته " المغنية " فيقول لها : أطعميه، وأسقيه الخمر، وغثيه، ويقول : هذا خير لك منا يدعوك إليه محمد، من الصلاة والصيام، وأن تقاتل بين يديه فأنزل الله [ ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله.. ] الآية.
التفسير :
[ الم ] الحروف المقطعة للتنبيه على إعجاز القرآن، وللإشارة إلى أن هذا الكتاب المعجز، الذي أفحم العلماء والأدباء، والفصحاء والبلغاء، منظوم من أمثال هذه الحروف الهجائية " ألف، لام، ميم " وهي في متناول أى دي الناطقين بالعربية، وهم عاجزون آن يؤلفوا منها كتابا مثل هذا الكتاب بعد التحدي والإفحام، وهذا من أظهر الدلائل وأوضح البراهين على أنه تنزيل الحكيم العليم
[ تلك آيات الكتاب ] أى هذه آيات الكتاب البديع، الذي فاق كل كتاب، فى بيانه، وتشريعه، وأحكامه
[ الحكيم ] أى ذي الحكمة الفائقة، والعجائب الرانقة، الناطق بالحكمة والبيان، والإشارة بالبعيد عن القريب (تلك ) للإيذان ببعد منزلته في الفضل والشرف
[ هدى ورحمة للمحسنين ] أى هداية ورحمة للمحسنين، الذين أحسنوا العمل في الدنيا، وإنما خصوا بالذكر لأنهم هم المنتفعون بما فيه.. ثم وضح تعالى صفاتهم فقال
[ الذين يقيمون الصلاة ] أى يؤدونها على الوجه الأكمل بأركانها وخشوعها وآدابها