سورة غافر
مكية وآياتها خمس وثمانون آية
بين يدي السورة
سورة غافر مكية، وهي تعنى بأمور العقيدة كشأن سائر السور المكية، ويكاد يكون موضوع السورة البارز، هو المعركة بين (الحق ) و(الباطل ) و(الهدى ) و(الضلال ) ولهذا جاء جو السورة مشحونا بطابع العنف والشدة، وكأنه جو معركة رهيبة، يكون فيها الطعن والنزال، ثم تسفر عن مصارع الطغاة، فإذا بهم حطأم وركام.
* ابتدأت السورة الكريمة بالإشادة بصفات الله الحسنى، وآيته العظمى، ثم عرضت لمجادلة الكافرين في آيات الله، فمع وضوح الحق وسطوعه، جادل فيه المجادلون، وكابر فيه المكابرون [ حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم.. ].
* وعرضت السورة لمصارع الغابرين وقد أخذهم الله أخذ عزيز مقتدر، فلم يفلت منهم إنسان [ كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم.. ] الآيات.
* وفي ثنايا هذا الجو الرهيب، يأتي مشهد حملة العرش، في دعائهم الخاشع المنيب [ الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم.. ] الآيات.
* وتحدثت السورة عن بعض مشاهد الآخرة وأهوالها، فإذا العباد واقفون للحساب، بارزون أمام الملك الديان، يغمرهم رهبة وخشوع، وإذا القلوب لدى الحناجر، تكاد لشدة الفزع والهول تنخلع، وفي ذلك الموقف الرهيب، واليوم العصيب، يلقى الإنسان جزاءه، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر [ يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شىء لمن الملك اليوم لله الواحد القهار. اليوم تجزى كل نفس بما كسبت.. ] الآيات.
* ثم يأتي الحديث عن قصة الإيمان والطغيان، ممثلة في دعوة موسى عليه السلام لفرعون الطاغية الجبار، ففرعون يريد - بكبريائه وجبروته - أن يقضي على موسى وأتباعه، خشية أن ينتشر الإيمان بين الأقوام، وتبرز في ثنايا هذه القصة حلقة جديدة، لم تعرض في قصة موسى من قبل، ألا وهي ظهور رجل (مؤمن من آل فرعون ) يخفي إيمانه، يصدع بكلمة الحق في تلطف وحذر، ثم في صراحة ووضوح، وتنتهي القصة بهلاك فرعون الطاغية الجبار بالغرق في البحر مع أعوانه وأنصاره، وبنجاة الداعية المؤمن وسائر المؤمنين [ ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين. إلى فرعون وهامان وقارون فقالوا ساحر كذاب.. ] الآيات.
* ثم تعرض السورة إلى بعض الآيات الكونية، الشاهدة بعظمة الله، الناطقة بوحدانيته وجلاله، الذي يشركون به ويكفرون بآياته، وتضرب مثلا للمؤمن والكافر : بالبصير والأعمى، فالمؤمن على نور من الله وبصيرة، والكافر يتخبط في الظلام [ وما يستوي الأعمى والبصير، والذين آمنوا وعملوا الصالحات ولا المسيء قليلا ما تتذكرون. أن الساعة لآتية لا ريب فيها.. ] الآيات.
* وتختم السورة الكريمة بالحديث عن مصارع المكذبين، والطغاة المتجبرين، ومشهد العذاب يأخذهم وهم في غفلتهم سادرون [ فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون.. ] إلى نهاية السورة الكريمة.
التسمية :
سميت " سورة غافر " لأن الله تعالى ذكر هذا الوصف الجليل - الذي هو من صفات الله الحسنى - في مطلع السورة الكريمة [ غافر الذنب وقابل التوب ] وكرر ذكر المغفرة في دعوة الرجل المؤمن [ وأنا أدعوكم إلى العزيز الغفار ] وتسمى سورة " المؤمن " لذكر قصة مؤمن آل فرعون.
اللغة :
[ غافر ] الغفر : الستر والمحو والتكفير
[ الطول ] الإنعام والتفضيل
[ يدحضوا ] يبطلوا ويزيلوا، يقال : الباطل داحض، لأنه يزلق ويزل فلا يستقر
[ حقت ] وجبت ولزمت
[ مقت ] المقت : شدة البغض
[ الروح ] الوحي والنبؤة سمي روحا لأن القلوب تحيا به كما تحيا الأبدان بالأرواح
[ التلاق ] الاجتماع في الحشر
[ بارزون ] ظاهرون لا يسترهم شيء
[ الآزفة ] اسم للقيامة سميت آزفة لقربها، يقال أزف الشيء إذا اقترب


الصفحة التالية
Icon