سورة الملك
مكية وآياتها ثلاثون آية
بين يدي السورة
* سورة الملك من السور المكية، شأنها شأن سائر السور المكية، التي تعالج موضوع العقيدة في أصولها الكبرى، وقد تناولت هذه السور أهدافا رئيسية ثلاثة وهي (إثبات عظمة الله وقدرته على الإحياء والإماتة.. وإقامة الأدلة والبراهين على وحدانية رب العالمين.. ثم بيان عاقبة المكذبين الجاحدين للبعث والنشور).
* ابتدأت السورة الكريمة بتوضيح الهدف الأول، فذكرت أن الله جل وعلا بيده الملك والسلطان، وهو المهيمن على الأكوان، الذي تخضع لعظمته الرقاب، وتعنو له الجباه، وهو المتصرف في الكائنات بالخلق والإيجاد، والإحياء والإماتة [ تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير ] الآيات.
* ثم تحدثت عن خلق السموات السبع، وما زين الله به السماء الدنيا من الكواكب الساطعة، والنجوم اللامعة، وكلها أدلة على قدرة الله ووحدانيته [ الذي خلق سبع سموات طباقا ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت.. ] الآيات.
* ثم تناولت الحديث عن المجرمين بشيء من الإسهاب، وهم يرون جهنم تتلظى، وتكاد تتقطع من شدة الغضب، والغيظ على أعداء الله، وقارنت بين مآل الكافرين والمؤمنين، على طريقة القرآن في الجمع بين الترهيب والترغيب [ إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا وهي تفور.. ] الآيات.
* وبعد أن ساقت بعض الأدلة والشواهد على عظمة الله وقدرته، حذرت من عذابه وسخطه، أن يحل بأولئك الكفرة الجاحدين [ ءأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور.. ] الآيات.
* وختمت السورة الكريمة بالإنذار والتحذير للمكذبين بدعوة الرسول، من حلول العذاب بهم في الوقت الذي كانوا يتمنون فيه موت الرسول (ص)، وهلاك المؤمنين [ قل أرآيتم إن أهلكني الله ومن معي أو رحمنا فمن يجير الكافرين من عذاب أليم ] ؟ الآيات، ويا له من وعيد شديد، ترتعد له الفرائص ! !.
فضلها :
تسمى هذه السورة " الواقية " و " المنجية " لأنها تقي قارئها من عذاب القبر، فقد قال (ص) (هي المانعة وهي المنجية، تنجي من عذاب القبر).
قال الله تعالى :[ تبارك الذي بيده الملك... ] إلى قوله [ فمن يأتيكم بماء معين ] من آية (١) إلى آية (٣٠) نهاية السورة الكريمة.
اللغة :
[ طباقا ] بعضها فوق بعض، من طابق النعل بالنعل إذا قطعه بقدره وجعله فوقه
[ فطور ] شقوق وخروق، من فطر بمعنى شق، قال الشاعر : بنى لكم وبلا عمد سماء وسواها فما فيها فطور
[ حسير ] كليل من الحسور وهو الإعياء، يقال : حسر البعير إذا كل وانقطع، قال الشاعر : نظرت إليها بالمحصب من منى فعاد إلى الطرف وهو حسير
[ شهيقا ] صوتا منكرا كصوت الحمير
[ تمير ] تتقطع وينفصل بعضها من بعض، وأصلها تتميز حذفت إحدى التاءين تخفيفا
[ مناكبها ] أطرافها ونواحيها، وأصل المنكب : الجانب ومنه منكب الرجل
[ لجوا ] تمادوا وأصروا
[ تمور ] ترتج وتضطرب
[ زلفة ] قريبا منهم
[ غورا ] غائرا ذاهبا في الأرض.
التفسير :
[ تبارك الذي بيده الملك ] أي تمجد وتعالى الله العلى الكبير، المفيض على المخلوقات فنون الخيرات، الذي بقبضة قدرته ملك السموات والأرض، يتصرف فيهما كيف يشاء، قال ابن عباس : بيده الملك، يعز من يشاء ويذل من يشاء، ويحيى ويميت، ويغني ويفقر، ويعطى ويمنع
[ وهو على كل شيء قدير ] أي وهو القادر على كل شيء له القدرة التامة، والتصرف الكامل في كل الأمور، من غير منازع ولا مدافع.. ثم بين تعالى طرفا من آثار قدرته، وجليل حكمته، فقال سبحانه


الصفحة التالية
Icon