سورة الإنسان
مدنية وآياتها إحدى وثلاثون آية
بين يدي السورة
* سورة الدهر من السور المدنية، وهي تعالج أمورا تتعلق بالآخرة، وبوجه خاص تتحدث عن نعيم المتقين الأبرار، في دار الخلد والإقامة في جنات النعيم، ويكاد يكون جو السورة هو جو السور المكية لايحاءاتها وأسلوبها ومواضيعها المتنوعة.
* ابتدأت السورة الكريمة ببيان قدرة الله في خلق الإنسان في أطوار، وتهيئته ليقوم بما كلف به من أنواع العبادة، حيث جعل الله تعالى له السمع والبصر وسائر الحواس [ هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا ] الآيات.
* ثم تحدثت عن النعيم الذي أعده الله في الآخرة لأهل الجنة [ إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا ] الآيات.
* ثم ذكرت أوصاف هؤلاء السعداء بشيء من الاسهاب، فوصفتهم بالوفاء بالنذر، وإطعام الفقراء ابتغاء مرضاة الله، والخوف من عذاب الله، وذكرت أن الله تعالى قد آمنهم من ذلك اليوم العبوس، الذى تكلح فيه الوجوه [ يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا ] الآيات.
* وأشادت بعد ذكر أوصافهم بما لهم عند الله من الأجر والكرامة في دار الإقامة، وبما حباهم الله من الفضل والنعيم يوم الدين [ وجزاهم بما صبروا جنة وحربرا متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا ] الآيات.
* وتتابعت السورة في سرد نعيم أهل الجنة في مأكلهم، ومشربهم، وملبسهم، وخدمهم الذين يطوفون عليهم صباح مساء [ ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قواريرا قوارير من فضة قدروها تقديرا ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا عينا فيها تسمى سلسبيلا ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا ] الآيات.
* وختمت السورة الكريمة ببيان أن هذا القرآن تذكرة لمن كان له قلب يعي، أو فكر ثاقب يستضيء بنوره [ إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما ].
قال الله تعالى :[ هل أتى على الانسان حين من الدهر ] إلى قوله [ والظالمين أعد لهم عذابا أليما ] من آية (١) إلى آية (٣١) نهاية السورة الكريمة.
اللغة :
[ أمشاج ] أخلاط جمع مشج ومشيج مثل شريف وأشراف، يقال للشيء إذا خلط بغيره : مشيج كخليط لفظا ومعنى
[ مستطيرا ] منتشرا غاية الانتشار يقال : استطار الشىء انتشر
[ قمطريرا ] القمطرير : الشديد العصيب الذي يطول بلاؤه، قال الأخفش : القمطرير أشد ما يكون من الأيام وأطوله في البلاء
[ دانية ] قريبة
[ ذللت ] سخرت وقربت
[ سلسبيلا ] السلسبيل : الشراب اللذيذ الذي هو غاية في السلاسة، والذي يسهل في الحلق لعذوبته وصفائه
[ سندس ] السندس : الرقيق من ثياب الحرير
[ استبرق ] ثياب الحرير الغليظة ويسمى الديباج
[ أسرهم ] الأسر في الأصل : الشد والربط، ثم أطلق على الخلق يقال : شد أسره أي أحسن خلقه وأحكم تكوينه، قال الأخطل : من كلك مجتنب شديد أسره سلس القياد تخاله مختالا
التفسير :
[ هل أتى على الإنسان حين من الدهر ] أي قد مضى على الإنسان وقت طويل من الزمان