سورة النازعات
مكية وآياتها ست وأربعون آية
بين يدي السورة
* سورة النازعات مكية، شانها كشأن سائر السور المكية، التي تعنى بأصول العقيدة الإيمانية (الوحدانية، الرسالة، البعث والجزاء) ومحور السورة يدور حول القيامة وأحوالها، والساعة واهوالها، وعن مآل المتقين، ومآل المجرمين.
* ابتدأت السورة الكريمة بالقسم بالملائكة الأبرار، التي تنزع ارواح المؤمنين بلطف ولين، وتنزع ارواح المجرمين بشدة وغلظة، والتي تدبر شئون الخلائق بأمر الله جل وعلا [ والنازعات
غرقا، والناشطات نشطا، والسابحات سبحا، فالسابقات سبقا، فالمدبرات أمرا ] ا لايات.
* ثم تحدثت عن المشركين، المنكرين للبعث والنشور، فصورت حالتهم في ذلك اليوم الفظيع [ قلوب يومئذ واجفة، أبصارها خاشعة، يقولون أننا لمردودون في الحافرة، أئذا كنا عظاما نخرة ؟ ] الآيات.
* ثم تناولت السورة (فرعون، الطاغية الجبار، الذي ادعى الربوبية وتمادى في الجبروت والطغيان، فقصمه الله، واهلكه بألغرق هو وقومه الأقباط [ هل أتاك حدبث موسى، إذ ناداه ربه بالواد المقدس طوى، اذهب إلى فرعون إنه طغى، فقل هل لك إلى أن تزكى.. ] الايات.
* وتحدثت السورة عن طغيان أهل مكة وتمردهم على رسول الله (ص) وذكرتهم بأنهم أضعف من كثير من مخلوقات الله [ ءانتم أشد خلقا أم السماء بناها، رفع سمكها فسواها، وأغطش ليلها وأخرج ضحاها ] الايات.
* وختمت السورة الكربمة ببيان وقت الساعة الذي استبعده المشركون وأنكروه، وكذبوا بحدوثه [ يسألونك عن الساعة أيان مرساها، فيم أنت من ذكراها، إلى ربك منتهاها، إنما أنت منذر من يخشاها، كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا الا عشية أو ضحاها ].
اللغة :
[ واجفة ] خائفة فزعة يقال : وجف القلب وجيفا إذا خفق واضطرب من شدة الفزع
[ الحافرة ] الرجوع إلى الحالة التي كان عليها يقال : رجع فلان في حافرته أي رجع من حيث جاء قال الشاعر : أحافرة على صلع وشيب معاذ الله من سفه وعار
[ الساهرة ] وجه الأرض، والعرب تسمي وجه الأرض والفلاة ساهرة لأنه يسهر عليها
[ سمكها ] السمك : العلو والارتفاع، وبناء ممسوك أي عال مرتفع
[ أغطش ] أظلم يقال : غطش الليل وأغطشه الله أي صار مظلما وأظلمه الله
[ دحاها ] بسطها وسواها قال ازيد بن عمرو : دحاها فلما استوت شدها بأيد وأرسى عليها الجبالا
[ الطآمة ] الداهية العظمى التي لا تستطاع قال الشاعر : إن بعض الحب يعمي ويصم وكذاك البغض أدهى وأطم
التفسير :
[ والنازعات غرقا ] أي أقسم بالملائكة التي تنزع أرواح الكفار نزعا بالغا أقصى الغاية في الشدة والعسر
[ والناشطات نشطا ] أي وأقسم بالملائكة التي تنزع أرواح المؤمنين بسهولة ويسر، وتسلها سلا رفيقا قال ابن مسعود : إن ملك الموت وأعوانه ينزعون روح الكافر كما ينزع السفود ـ سيخ الحديد ـ الكثير الشعب من الصوف المبتل، فتخرج نفس الكافر كالغريق في الماء، وينزع روح المؤمن برفق ولين، ويقبضها كما ينشط العقال من يد البعير قال ابن كثير : أقسم سبحانه بالملائكة حين تنزع أرواح بني آدم، فمنهم من تأخذ روحه بعسر فتغرق في نزعها، ومنهم من تأخذ روحه بسهولة وكأنما حلته من نشاط
[ والسابحات سبحا ] أي وأقسم بالملائكة التي تنزل بأمر الله ووحيه من السماء كالذي يسبح في الماء، مسرعين لتنفيذ أمر الله
[ فالسابقات سبقا ] أي الملائكة التي تسبق بأرواح المؤمنين إلى الجنة [ فالمدبرات أمرا ] أي الملائكة تدبر شئون الكون بأمره تعالى، في الرياح، والأمطار، والأرزاق، والأعمار، وغير ذلك من شئون الدنيا، أقسم سبحانه بهذه الأصناف الخمسة على أن القيامة حق، وجواب القسم محذوف تقديره : لتبعثن ولتحاسبن، وقد دل عليه قوله


الصفحة التالية
Icon