سورة الفجر
مكية وآياتها ثلاثون آية
بين يدي السورة
* سورة الفجر مكية، وهي تتحدث عن أمور ثلاثة رئيسية هي :
١- ذكر قصص بعض الأمم المكذبين لرسل الله، كقوم عاد، وثمود، وقوم فرعون، وبيان ما حل بهم من العذاب والدمار، بسبب فجورهم وطغيانهم [ ألم تر كيف فعل ربك بعاد ؟ إرم ذات العماد ؟ التي لم يخلق مثلها في البلاد ] ؟ الأيآت
٢ - بيان سنة الله تعالى في ابتلاء العباد في هذه الحياة، بالخير والشر، والغنى والفقر، وطبيعة الإنسان في حبه الشديد للمال [ فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه. فيقول ربي أكرمن، وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن.. ] الآيات
٣ - ذكر الدار الآخرة وأهوالها وشدائدها، وانقسام الناس يوم القيامة، إلى سعداء وأشقياء وبيان مآل النفس الشريرة، والنفس الكريمة الخيرة [ كلا إذا دكت الأرض دكا دكا، وجاء ربك والملك صفا صفا، وجيء يومئذ بجهنم يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى ] إلى نهاية السورة الكريمة
قال الله تعالى :[ والفجر وليال عشر... ] إلى قوله [ فادخلي في عبادي وادخلي جنتي ] من أول آية إلى آية (٣٠) نهاية السورة الكريمة
اللغة :
[ حجر ] عقل ولب قال الفراء : العرب تقول إنه لذو حجر إذا كان قاهرا لنفسه ضابطا لها، وأصل الحجر المنع، وسمي العقل حجرا لأنه يمنع عن السفه قال الشاعر : وكيف يرجى أن يتوب وإنما يرجى من الفتيان من كان ذا حجر
[ جابوا ] قطعوا ومنه قولهم : فلان يجوب البلاد أي يقطعها
[ التراث ] الميراث
[ لما ] شديدا وأصله الجمع ومنه قولهم : لم الله شعثه
[ جما ] كثيرا عظيما كبيرا قال الشاعر : إن تغفر اللهم تغفر جما وأي عبد لك ما ألما
التفسير :
[ والفجر وليال عشر ] هذا قسم أي أقسم بضوء الصبح عند مطادرته ظلمة الليل، وبالليالي العشر المباركات من أول ذي الحجة، لأنها أيام الاشتغال بأعمال الحج (( هذا قول الجمهور وهو مروي عن ابن عباس، وقيل هي العشر الأخيرة من رمضان لأن فيها ليلة القدر، وهى رواية أيضا عن ابن عباس، والأول أرجح )) قال المفسرون : أقسم تعالى بالفجر لما فيه من خشوع القلب في حضرة الرب، وبالليالي الفاضلة المباركة وهي عشر ذي الحجة، لأنه أفضل أيام السنة، كما ثبت في صحيح البخاري " ما من أيام العمل الصالح أحب إلى الله فيهن من هذه الأيام ـ يعني عشر ذي الحجة ـ قالوا : ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال : ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجلا خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء "
[ والشفع والوتر ] أي وأقسم بالزوج والفرد من كل شيء فكأنه تعالى أقسم بكل شيء، لأن الأشياء إما زوج وإما فرد، أو هو قسم بالخلق والخالق، فإن الله تعالى واحد " وتر " والمخلوقات ذكر وأنثى " شفع " (( هذا القول روي عن مجاهد وابن عباس، وروي عن ابن عباس أيضا أن الشفع يوم النحر لكونه العاشر، والوتر يوم عرفة لكونه التاسع، وذكرت أقوال اخرى كثيرة غير هذه )).
[ واليل إذا يسر ] أي وأقسم بالليل إذا يمضي بحركة الكون العجيبة، والتقييد بسريانه لما فيه من وضوح الدلالة على كمال القدرة، ووفور النعمة