سورة الكافرون
مكية وآياتها ست آيات
بين يدي السورة
* سورة الكافرون مكية، وهي سورة (التوحيد) و(البراءة من الشرك ) والضلال، فقد دعا المشركون رسول الله (ص)، إلى المهادنة، وطلبوا منه أن يعبد آلهتهم سنة، ويعبدوا إلهه سنة، فنزلت السورة تقطع أطماع الكافرين، وتفصل النزاع بين الفريقين : أهل الإيمان، وعبدة الأوثان، وترد على الكافرين تلك الفكرة السخيفة في الحال والاستقبال.
التفسير :
[ قل يا أيها الكافرون ] أي قل يا محمد لهؤلاء الكفار الذين يدعونك إلى عبادة الأوثان والأحجار
[ لا أعبد ما تعبدون ] أي لا أعبد هذه الأصنام والأوثان التي تعبدونها، فأنا برىء من آلهتكم ومعبوداتكم، التي لا تضر ولا تنفع، ولا تغني عن عابدها شيئا، قال المفسرون : إن قريشا طلبت من الرسول، أن يعبد آلهتهم سنة، ويعبدوا إلهه سنة، فقال : معاذ الله أن نشرك بالله شيئا، فقالوا : فاستلم بعض آلهتنا نصدقك ونعبد إلهك، فنزلت السورة، فغدا رسول الله(ص)، إلى المسجد الحرام، وفيه الملأ من قريش، فقام علئ رءوسهم فقرأها عليهم، فأيسوا منه، وآذوه وآذوا أصحابه، وفي قوله [ قل ] دليل على أنه مأمور بذلك من عند الهع، وخطابه (ص) لهم بلفظ [ يا أيها الكافرون ] ونسبتهم إلى الكفر- وهو يعلم أنهم يغضبون من أن ينسبوا إلى ذلك -دليل على أنه محروس من عند الله، فهو لا يبالي بهم ولا بطواغيتهم
[ ولا أنتم عابدون ما أعبد ] أي ولا أنتم يا معشر المشركين، عابدون إلهي الحق الذي أعبده، وهو الله وحده، فأنا أعبد الإله الحق، وأنتم تعبدون الأحجار والأوثان، فلا مساومة بيننا ولا وفاق
[ ولا أنا عابد ما عبدتم ] تأكيد لما سبق من البراءة من عبادة الأصنام، وقطع لأطماع الكفار، كأنه قال : لا أعبد هذه الأوثان في الحال ولا في الإستقبال، فأنا لا أعبد ما تعبدونه أبدا ما عشت، لا أعبد أصنامكم الآن، ولا فيما يستقبل من الزمان
[ ولا أنتم عابدون ما أعبد ] أي ولا أنتم في المستقبل، عابدون إلهي الحق الذي أعبده
[ لكم دينكم ولي دين ] أي لكم شرككم، ولي توحيدي، وهذا غاية في التبرء من عبادة الكفار، والتأكيد على عبادة الواحد القهار، معنى الجملتين الأوليتين : الاختلاف التام في المعبود، ومعنى الجملتين الأخيرتين : الاختلاف التام في العبادة، كأنه قال : لا معبودنا واحد، ولا عبادتنا واحدة، فدينكم الكفر والإشراك، وديني التوحيد والإخلاص
البلاغه :
تضمنت السورة الكريمة وجوها من البديع والبيان نوجزها فيما يلي :
١- الخطاب بالوصف [ يا أيها الكافرون ] للتوبيخ والتشنيع على أهل مكة.
٢- طباق السلب [ لا أعبد ما تعبدون ] فالأول نفى والثاني إثبات.
٣- المقابلة بين كل! من الجملتين الأوليين [ لا أعبد ما تعبدون ] [ ولا أنتم عابدون ما أعبد ] أي في الحال، والمقابلة بين الجملتين الأخريين [ ولا أنا عابد ما عبدتم ] [ ولا أنتم عابدون ما أعبد ] أي في الاستقبال. وهو من المحسنات البديعية.
٤- توافق الفواصل في الحرف الأخير، وهو من المحسنات البديعية.