فما كانت صحف موسى؟ قال كانت عبرا كلها :« عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح؟ عجبت لمن أيقن بالنار كيف يضحك، عجبت لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها؟ عجبت لمن أيقن بالقدر ثم يغضب، عجبت لمن أيقن بالحساب ثم لا يعمل ».
و جاء في القرطبي ما يلي :« و روى الآجري عن أبي ذر قال قلت يا رسول اللّه فما كانت صحف إبراهيم قال : كانت أمثالا كلها : أيها الملك المسلط المبتلى المغرور إني لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها على بعض ولكني بعثتك لتردّ عنّي دعوة المظلوم فإني لا أردّها ولو كانت من فم كافر، وكان فيها أمثال : وعلى العاقل أن يكون له ساعة يناجي فيها ربه وساعة يفكّر فيها في صنع اللّه عزّ وجلّ وساعة يخلو فيها لحاجته من المطعم والمشرب وعلى العاقل أن لا يكون طامعا إلا في ثلاث : تزود لمعاد ومرحة لمعاش ولذة في غير محرم وعلى العاقل أن يكون بصيرا بزمانه مقبلا على شأنه حافظا للسانه ومن عدّ كلامه من عمله قلّ كلامه إلا فيما يعنيه.
إعراب القرآن وبيانه، ج ١٠، ص : ٤٥٥
(٨٨) سورة الغاشية
مكيّة وآياتها ستّ وعشرون
[سورة الغاشية (٨٨) : الآيات ١ الى ٢٦]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ (١) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ (٢) عامِلَةٌ ناصِبَةٌ (٣) تَصْلى ناراً حامِيَةً (٤)تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ (٥) لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ (٦) لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ (٧) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ (٨) لِسَعْيِها راضِيَةٌ (٩)
فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ (١٠) لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً (١١) فِيها عَيْنٌ جارِيَةٌ (١٢) فِيها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ (١٣) وَأَكْوابٌ مَوْضُوعَةٌ (١٤)