سورة النحل
مائة وثمان وعشرون آية مكية

بسم الله الرحمن الرحيم

جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤٧٠
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤٧١
النطفة : القطرة من الماء، نظف رأسه ماء أي قطر. الدفء اسم لما يدَّفأ به أي يسخن. وتقول العرب : دفىء يومنا فهو دفيء إذا حصلت فيه سخونة تزيل البرد، ودفىء الرجل فداء ودفأ، وجمع الدفء أدفاء. ورجل دفآن وامرأة دفأى، والدفئة الإبل الكثيرة الأوبار، لا دفاء بعضها بعضاً بأنفاسها. وقد تشدَّد، وعن الأصمعي الدفئة الكثيرة الأوبار والشحوم. وقال الجوهري : الدفء نتاج الإبل وألبانها، وما ينتفع به منها. البغل : معروف، ولعمرو بن بحر الجاحظ كتاب البغال. الحمار : معيروف، يجمع في القلة على أحمر وفي الكثرة على
٤٧١
حمر، وهو القياس وعلى حمير. الطرى : فعيل من طر ويطر، وطراوة مثل سر ويسر سراوة. وقال الفراء : طري يطري طراء وطراوة مثل : شقى، يشقى، شقاء، وشقاوة. المخر : شق الماء من يمين وشمال، يقال : مخر الماء الأرض. وقال الفراء : صوت جرى الفلك بالرياح، وقيل : الصوت الذي يكون من هبوب الريح إذا اشتدت، وقد يكون من السفينة ونحوها. ماد : تحرك ودار. السقف : معروف ويجمع على سقوف وهو القياس، وعلى سقف وسقف، وفعل وفعل محفوظان في فعل، وليسا مقيسين فيه.
﴿يُنَزِّلُ الْمَلَئاِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِا عَلَى مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِا أَنْ أَنذِرُوا أَنَّه لا إله إِلا أَنَا فَاتَّقُونِ * خَلَقَ﴾ : قال الحسن، وعطاء، وعكرمة، وجابر : هي كلها مكية. وقال ابن عباس : إلا ثلاث آثات منها نزلت بالمدينة بعد حمزة وهي قوله :﴿وَلا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلا ﴾ إلى قوله :﴿بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ وقيل : إلا ثلاث آيات ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ﴾ الآية نزلت في المدينة في شأن التمثيل بحمزة وقتلى أحد، وقوله :﴿وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلا بِاللَّهِ﴾ وقوله :﴿ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا ﴾ وقيل : من أولها إلى قوله :﴿يُشْرِكُونَ﴾ مدني وما سواه مكي. وعن قتادة عكس هذا.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤٧١
ووجه ارتباطها بما قبلها أنه تعالى لما قال :﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْاَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ كان ذلك تنبيهاً على حشرهم يوم القيامة، وسؤالهم عما أجرموه في دار الدنيا، فقيل : أتى أمر الله وهو يوم القيامة على قول الجمهور. وعن ابن عباس المراد بالأمر : نصر رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وظهوره على الكفار. وقال الزمخشري : كانوا يستعجلون ما وعدوا من قيام الساعة، أو نزول العذاب بهم يوم بدر استهزاء وتكذيباً بالوعد انتهى. وهذا الثاني قاله ابن جريج قال : الأمر هنا ما وعد الله نبيه من النصر وظفره بإعدائه، وانتقامه منهم بالقتل والسبي ونهب الأموال، والاستيلاء على منازلهم وديارهم. وقال الضحاك : الأمر هنا مصدر أمر، والمراد به : فرائضه وأحكامه. قيل : وهذا فيه بعد، لأنه لم ينقل أنّ أحداً من الصحابة استعجل فرائض من قبل أن تفرض عليهم. وقال الحسن وابن جريج أيضاً : الأمر عقاب الله لمن أقام على الشرك، وتكذيب الرسول، واستعجال العذاب منقول عن كثير من كفار قريش وغيرهم. وقريب من هذا القول قول الزجاج : هو ما وعدهم به من المجازاة على كفرهم. وقيل : الأمر بعض أشراط الساعة. وأتى قيل : باق على معناه من المضي، والمعنى : أقي أمر الله وعداً فلا تستعجلوه وقوعاً. وقيل : أتى أمر الله، أتت مبادئه وأماراته. وقيل : عبر بالماضي عن المضارع لقرب وقوعه وتحققه، وفي ذلك وعيد للكفار. وقرأ الجمهور : تستعجلوه بالتاء على الخطاب، وهو خطاب للمؤمنين أو خطاب للكفار على معنى : قل لهم فلا تستعجلوه. وقال تعالى :﴿يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِهَا ﴾ وقرأ ابن جبير : بالياء نهياً للكفار، والظاهر عود الضمير في فلا تستعجلوه على الأمر لأنه هو المحدث عنه. وقيل : يعود على الله أي : فلا تستعجلوا الله بالعذاب، أو بإتيان يوم القيامة كقوله :﴿وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ﴾ وقرأ حمزة والكسائي : تشركون بتاء الخطاب، وباقي السبعة والأعرج وأبوه جعفر، وابن وضاح، وأبو رجاء، والحسن. وقرأ عيسى : الأولى بالتاء من فوق، والثانية بالياء والتاء من فوق معاً ؛ الأعمش، وأبو العالية، وطلحة، وأبو عبد الرحمن، وابن وثاب، والجحدري، وما يحتمل أن تكون بمعنى
٤٧٢
الذي ومصدرية. وأفضل قراءته عما يشركون باستعجالهم، لأن استعجالهم استهزاء وتكذيب، وذلك من الشرك. وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو : ينزل مخففاً، وباقي السبعة مشدداً، وزيد بن علي والأعمش وأبو بكر : تنزل مشدداً مبنياً للمفعول، الملائكة بالرفع. والجحدري كذلك، إلا أنه خفف. والحسن، وأبو العالية، والأعرج، والمفضل، عن عاصم ويعقوب : بفتح التاء مشدداً مبنياً للفاعل. وقرأ ابن أبي عبلة : ما ننزل بنون العظمة والتشديد، وقتادة بالنون والتخفيف. قال ابن عطية : وفيهما شذوذ كثير انتهى. وشذوذهما أنّ ما قبله وما بعده ضمير غيبة، ووجهه أنه التفات، والملائكة هنا جبريل وحده قاله الجمهور، أو الملائكة المشار إليهم بقوله :


الصفحة التالية
Icon