سورة الليل
مكية
بسم الله الرحمن الرحيم
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٤٨١﴿وَالَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالانثَى * إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى * فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُه لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنا بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُه لِلْعُسْرَى * وَمَا يُغْنِى عَنْهُ مَالُهُا إِذَا تَرَدَّى * إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى * وَإِنَّ لَنَا لَلاخِرَةَ وَالاولَى * فَأَنذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى * لا يَصْلَاهَآ إِلا الاشْقَى * الَّذِى كَذَّبَ وَتَوَلَّى * وَسَيُجَنَّبُهَا الاتْقَى * الَّذِى يُؤْتِى مَالَه يَتَزَكَّى * وَمَا لاحَدٍ عِندَه مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى * إِلا ابْتِغَآءَ وَجْهِ رَبِّهِ الاعْلَى * وَلَسَوْفَ يَرْضَى ﴾.
هذه السورة مكية. وقال علي بن أبي طلحة : مدنية. وقيل : فيها مدني. ولما ذكر فيما قبلها ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا﴾، ذكر هنا من الأوصاف ما يحصل به الفلاح وما تحصل به الخيبة، ثم حذر النار وذكر من يصلاها ومن يتجنبها، ومفعول يغشى محذوف، فاحتمل أن يكون النهار، كقوله :﴿وَهُوَ الَّذِى مَدَّ﴾، وأن يكون الشمس، كقوله :﴿وَالَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا﴾. وقيل : الأرض وجميع ما فيها
٤٨٢
بظلامه. وتجلى : انكشف وظهر، إما بزوال ظلمة الليل، وإما بنور الشمس. أقسم بالليل الذي فيه كل حيوان يأوي إلى مأواه، وبالنهار الذي تنتشر فيه. وقال الشاعر :
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٤٨٢
يجلي السرى من وجهه عن صفيحةعلى السير مشراق كثير شحومها
وقرأ الجمهور :﴿تَجَلَّى ﴾ فعلاً ماضياً، فاعله ضمير النهار. وقرأ عبد الله بن عبيد بن عمير : تتجلى بتاءين، يعني الشمس. وقرىء : تجلى بضم التاء وسكون الجيم، أي الشمس.
﴿وَمَا خَلَقَ﴾ : ما مصدرية أو بمعنى الذي، والظاهر عموم الذكر والأنثى. وقيل : من بني آدم فقط لاختصاصهم بولاية الله تعالى وطاعته. وقال ابن عباس والكلبي والحسن : هما آدم وحواء. والثابت في مصاحف الأمصار والمتواتر ﴿وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالانثَى ﴾، وما ثبت في الحديث من قراءة. والذكر والأنثى : نقل آخاد مخالف للسواد، فلا يعد قرآناً. وذكر ثعلب أن من السلف من قرأ : وما خلق الذكر، بجر الذكر، وذكرها الزمخشري عن الكسائي، وقد خرجوه على البدل من على تقدير : والذي خلق الله، وقد يخرج على توهم المصدر، أي وخلق الذكر والأنثى، كما قال الشاعر :
تطوف العفاة بأبوابهكما طاف بالبيعة الراهب
بجر الراهب على توهم النطق بالمصدر، رأى كطواف الراهب بالبيعة.