(١)
يريد: تقابل نبتُها وعُشْبها وتحاذَى.
* * *
قال أبو جعفر: فمعنى الكلام: وترى، يا محمد، آلهة هؤلاء المشركين من عبدة الأوثان، يقابلونك ويحاذونك، وهم لا يبصرونك، لأنه لا أبصار لهم. وقيل: "وتراهم"، ولم يقل: "وتراها"، لأنها صور مصوَّرة على صور بني آدم عليه السلام.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (١٩٩) ﴾
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك:
فقال بعضهم: تأويله: (خذ العفو) من أخلاق الناس، وهو الفضل وما لا يجهدهم. (٢)
* ذكر من قال ذلك:
١٥٥٣٥ - حدثنا ابن حميد قال: حدثنا حكام، عن عنبسة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن القاسم، عن مجاهد، في قوله: (خذ العفو) قال: من أخلاق الناس وأعمالهم بغير تحسس. (٣)
١٥٥٣٦ - حدثنا يعقوب وابن وكيع قالا حدثنا ابن علية، عن ليث، عن مجاهد في قوله: (خذ العفو) قال: عفو أخلاق الناس، وعفوَ أمورهم.
١٥٥٣٧ - حدثنا يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: حدثني ابن أبي الزناد،

(١) نوادر أبي زيد: ١٣١، أساس البلاغة (عين)، المقاييس ٤: ٢٠٣، ورواية أبي زيد:
إذا نظرت بلاد بني حبيب بعينٍ أو بلاد بني صباح
رميناهم بكل أقب نهدٍ وفتيان الغدو مع الرواح
ولا أدري ما ((بنو حبيب))، وأما ((بنو صباح))، فهم في ضبة، والظاهر أن في غيرهم من العرب أيضاً ((بنو صباح)). انظر الاشتقاق: ١٢٢. ورواية الزمخشري وابن فارس ((بلاد بني نمير))، فلا أدري ما أصح ذلك، حتى يعرف صاحب الشعر، وفيمن قيل. قال الزمخشري قبل استشهاده بالشعر: ((نظرت الأرض بعين أو بعينين))، إذا طلع بأرض ما ترعاه الماشية بغير استكمال. وقال ابن فارس: إذا طلع النبت، وكل هذا محمول، واستعارة وتشبيه.
(٢) (١) انظر تفسير ((العفو)) فيما سلف ٤: ٣٣٧ - ٣٤٣.
(٣) (٢) في المخطوطة هنا، وفي الذي يليه رقم: ١٥٥٣٩ ((تحسيس)) بالياء، ولا أدرى ما هو. و ((تحسس الشيء)) تبحثه وتطلبه، كأنه يعني الاستقصاء في الطلب، يؤيد هذا ما سيأتي برقم: ١٥٥٤٢.


الصفحة التالية
Icon