(يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ)، [سورة النمل: ١٨]، أمرهم ثم نهاهم، وفيه تأويل الجزاء. (١)
وكأن معنى الكلام عنده: اتقوا فتنة، إن لم تتقوها أصابتكم.
* * *
وأما قوله: (واعلموا أن الله شديد العقاب)، فإنه تحذير من الله، ووعيد لمن واقع الفتنة التي حذره إياها بقوله: (واتقوا فتنة)، يقول: اعلموا، أيها المؤمنون، أن ربكم شديد عقابه لمن افتُتن بظلم نفسه، وخالف أمره، فأثم به. (٢)
* * *

(١) هذه مقالة الفراء في معاني القرآن ١: ٤٠٧.
(٢) انظر تفسير " شديد العقاب " فيما سلف من فهارس اللغة (شدد)، (عقب).

القول في تأويل قوله: ﴿وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الأرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٢٦) ﴾
قال أبو جعفر: وهذا تذكيرٌ من الله عز وجل أصحابَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومناصحة. يقول: أطيعوا الله ورسوله، أيها المؤمنون، واستجيبوا له إذا دعاكم لما يحييكم، ولا تخالفوا أمرَه وإن أمركم بما فيه عليكم المشقة والشدة، فإن الله يهوِّنه عليكم بطاعتكم إياه، ويعجِّل لكم منه ما تحبون، كما فعل بكم إذ آمنتم به واتبعتموه وأنتم قليلٌ يستضعفكم الكفار فيفتنونكم عن دينكم، (١) وينالونكم بالمكروه في أنفسكم وأعراضكم، (٢) تخافون منهم أن يتخطفوكم فيقتلوكم ويصطلموا
(١) انظر تفسير " القليل " فيما سلف ١: ٣٢٩ ٨: ٤٣٩، ٥٧٧ ٩: ٣٣١.
(٢) انظر تفسير " المستضعف " فيما سلف ١٢: ٥٤٢ ١٣: ٧٦، ١٣١.


الصفحة التالية
Icon