وهُو أجلُّ العلومِ الشَّرعِيَّةِ (١) وأَشرَفُ صِناعَةٍ يَتَعاطاها الإنسانُ (٢) والْمُعتني بِغريبه، لا بُدَّ لَهُ مِن معرفة الحروف (٣).

(١) بالإجماع بل القرآن أصل العلوم، وفضله وفضل حامله مشهور معلوم، فإيضاحه وبيانه، أجل العلوم، وأشرفها وأعلاها بل به عصمتنا، وسعادتنا في الدنيا والآخرة
(٢) وكان أصحاب رسول الله - ﷺ - إذا تعلموا عشر آيات، لم يجاوزوهن حتى يتعلموا معانيهن، والعمل بهن، وفي الخبر: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه»، وقال تعالى لنبيه - ﷺ -: ﴿لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ وشرف كلام الله لا يخفى، فبيانه أشرف بيان وأفضله، وقال ابن عباس: الذي يقرأ القرآن، ولا يحسن تفسيره كالذي يهذ الشعر هذا.
(٣) أي: والمعتني بتفسير القرآن، لا بد له من معرفته معنى الكلمة، وصيغتها ومحلها، ومعرفة الحروف، لاختلاف مواقعها، قال ابن عباس: الحمد لله الذي قال: ﴿عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ ولم يقل: في صلاتهم.
... وقال في: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ﴾ الآية، فالأربعة الأول يملكونها ملكا مطلقا، والأربعة الأخيرة ملكا مراعا، كما هو معروف في موضعه، والحروف يراد بها الاسم، والفعل وحروف المعاني، واسم حروف الهجاء، وكثيرا ما يوجد في كلام المتقدمين هذا حرف من الغريب، يعبرون بذلك عن الاسم
التام فقوله - ﷺ -: «بكل حرف عشر حسنات»، مثله بقوله ألف حرف ولام حرف وميم، حرف، والمراد هنا: حروف المعاني، التي هي قسيمة الأسماء، والأفعال، وباعتبار معانيها: إلى حروف استفهام وحروف نفي، وحروف تحضيض وغير ذلك، وحروف الهجاء، تسمى حروفا، وهي أسماء كالحروف المذكورة في أوائل السور، لأن مسماها هو الحرف، الذي هو حرف الكلمة، وسميت حروف الكلام حروفا، لأنها طرف الكلام وحده ومنتهاه.


الصفحة التالية
Icon