خاتمة:
كشفت هذه الدراسة بكل وضوح عن حقيقة المنهج الذي اعتمده المستشرقون في دراسة القرآن الكريم، فبفضل العرض الموسّع الذي التزمت به دائرة المعارف الإسلامية - بخاصة - في مادة "القرآن" لآراء المستشرقين منذ منتصف القرن التاسع عشر الميلادي تبين لنا إلى أي حد تأثر هؤلاء المستشرقون بمنهج كان قد سبق تطويره في الغرب لنقد ما يسمى بالكتاب المقدس (التوراة والإنجيل وكتب أخرى ملحقة بهما)، وحقق هذا المنهج نتائج باهرة حين توصل إلى أن أسفار التوراة الموجودة حالياً لا صلة لها بموسى عليه السلام وإنما هي مكتوبة بأقلام أحبار اليهود أنفسهم وفي أزمان مختلفة.
وقد أطلق علماء نقد ما يسمى الكتاب المقدس على هذا المنهج اسم: النقد الأعلى والأدنى. ويبدو أن هذا النجاح قد أغرى المستشرقين المشتغلين بالدراسات الإسلامية على تطبيق المنهج نفسه على القرآن الكريم، لعلهم يحققون به مع القرآن نتائج مماثلة لما حققها نقاد ما يسمى بالكتاب المقدس.
ولكن منهج النقد الأعلى والأدنى إن صح تطبيقه في دراسة ما يسمّى الكتاب المقدس وفي سائر النصوص التاريخية – التي هي نصوص بشرية - فلا يصح تطبيقه على نص إلهي ينتمي إلى مجال موضوعي مختلف غير المجال البشري المحدود.