بَابُ السَّرِقَةِ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ قَوْلُهُ ﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا ﴾ عُمُومٌ فِي إيجَابِ قَطْعِ كُلِّ سَارِقٍ إلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ، عَلَى النَّحْوِ الَّذِي قَدَّمْنَا، وَعَلَى مَا حَكَيْنَا عَنْ أَبِي الْحَسَنِ، لَيْسَ بِعُمُومٍ وَهُوَ مُجْمَلٌ مُحْتَاجٌ فِيهِ إلَى دَلَالَةٍ مِنْ غَيْرِهِ فِي إثْبَاتِ حُكْمِهِ.
وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى عَلَى أَصْلِهِ أَنَّ مَا ثَبَتَ خُصُوصُهُ بِالِاتِّفَاقِ لَا يَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ بِعُمُومِهِ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ ؛ وَهُوَ مَذْهَبُ مُحَمَّدِ بْنِ شُجَاعٍ.
إلَّا أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ عُمُومًا عِنْدَنَا لَوْ خُلِّينَا وَمُقْتَضَاهُ فَقَدْ قَامَتْ دَلَالَةُ خُصُوصِهِ فِي ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ.
وَقَدْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهِ.
ذِكْرُ الِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ : قَالَ أَصْحَابُنَا :( لَا يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ ذِي الرَّحِمِ ) وَهُوَ الَّذِي لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا رَجُلًا وَالْآخَرُ امْرَأَةً لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا مِنْ أَجْلِ الرَّحِمِ الَّذِي بَيْنَهُمَا.
وَلَا تُقْطَعُ أَيْضًا عِنْدَهُمْ الْمَرْأَةُ إذَا سَرَقَتْ مِنْ زَوْجِهَا، وَلَا الزَّوْجُ إذَا سَرَقَ مِنْ امْرَأَتِهِ.
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ :( إذَا سَرَقَ مِنْ ذِي رَحِمٍ مِنْهُ لَمْ يُقْطَعْ ).
وَقَالَ مَالِك :( يُقْطَعُ الزَّوْجُ فِيمَا سَرَقَ مِنْ امْرَأَتِهِ وَالْمَرْأَةُ فِيمَا تَسْرِقُ مِنْ زَوْجِهَا فِي غَيْرِ الْمَوْضِعِ الَّذِي يَسْكُنَانِ فِيهِ، وَكَذَلِكَ فِي الْأَقَارِبِ ).
وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ فِي الَّذِي يَسْرِقُ مِنْ أَبَوَيْهِ :( إنْ كَانَ يَدْخُلُ عَلَيْهِمْ لَا يُقْطَعُ، وَإِنْ كَانُوا نَهَوْهُ عَنْ الدُّخُولِ عَلَيْهِمْ فَسَرَقَ قُطِعَ ).
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ :( لَا قَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَ مِنْ أَبَوَيْهِ أَوْ أَجْدَادِهِ، وَلَا عَلَى زَوْجٍ سَرَقَ مِنْ امْرَأَتِهِ أَوْ امْرَأَةٍ سَرَقَتْ مِنْ زَوْجِهَا ).
وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِ أَصْحَابِنَا قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ :﴿ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ ﴾ إلَى قَوْلِهِ :{ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ