بَابُ مَا يَقْتُلُهُ الْمُحْرِمُ قَوْله تَعَالَى :﴿ لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ ﴾ لَمَّا كَانَ خَاصًّا فِي صَيْدِ الْبَرِّ دُونَ صَيْدِ الْبَحْرِ لِمَا ذَكَرْنَا فِي سِيَاقِ الْآيَةِ مِنْ التَّخْصِيصِ، اقْتَضَى عُمُومُهُ تَحْرِيمَ سَائِرِ صَيْدِ الْبَرِّ إلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ وَأَبُو سَعِيدٍ وَعَائِشَةُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ﴿ خَمْسٌ يَقْتُلُهُنَّ الْمُحْرِمُ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ : الْحَيَّةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْغُرَابُ وَالْفَأْرَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ ﴾ عَلَى اخْتِلَافٍ مِنْهُمْ فِي بَعْضِهَا، وَفِي بَعْضِهَا :( هُنَّ فَوَاسِقُ ).
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ :( الْكَلْبُ الْعَقُورُ الْأَسَدُ ).
وَرَوَى حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ عَنْ وَبَرَةَ قَالَ : سَمِعْت ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ ﴿ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِ الذِّئْبِ وَالْفَأْرَةِ وَالْغُرَابِ وَالْحِدَأَةِ ﴾.
فَذَكَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الذِّئْبَ.
وَذَكَرَ الْقَعْنَبِيُّ عَنْ مَالِكٍ قَالَ :( الْكَلْبُ الْعَقُورُ الَّذِي أُمِرَ الْمُحْرِمُ بِقَتْلِهِ مَا قَتَلَ النَّاسَ وَعَدَا عَلَيْهِمْ، مِثْلُ الْأَسَدِ وَالنَّمِرِ وَالذِّئْبِ وَهُوَ الْكَلْبُ الْعَقُورُ، وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ السِّبَاعِ لَا يَعْدُو مِثْلُ الضَّبُعِ وَالثَّعْلَبِ وَالْهِرَّةِ وَمَا أَشْبَهَهُنَّ مِنْ السِّبَاعِ فَلَا يَقْتُلْهُنَّ الْمُحْرِمُ، فَإِنْ قَتَلَ مِنْهُنَّ شَيْئًا فَدَاهُ ).
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : قَدْ تَلَقَّى الْفُقَهَاءُ هَذَا الْخَبَرَ بِالْقَبُولِ وَاسْتَعْمَلُوهُ فِي إبَاحَةِ قَتْلِ الْأَشْيَاءِ الْخَمْسَةِ لِلْمُحْرِمِ.
وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الْكَلْبِ الْعَقُورِ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَلَى مَا قَدَّمْنَا الرِّوَايَةَ فِيهِ :( إنَّهُ الْأَسَدُ ) وَيَشْهَدُ لِهَذَا التَّأْوِيلِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا عَلَى عُتْبَةَ بْنِ أَبِي لَهَبٍ فَقَالَ :﴿ أَكَلَك كَلْبُ اللَّهِ ﴾ فَأَكَلَهُ الْأَسَدُ.
قِيلَ لَهُ : إنَّ الْكَلْبَ الْعَقُورَ هُوَ الذِّئْبُ.
وَرُوِيَ فِي بَعْضِ أَخْبَارِ ابْنِ عُمَرَ فِي مَوْضِعٍ ( الْكَلْبُ ) ( الذِّئْبُ