سُورَةُ بَرَاءَةٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ بَرَاءَةٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ ﴾ قَالَ أَبُو بَكْرٍ : الْبَرَاءَةُ هِيَ قَطْعُ الْمُوَالَاةِ وَارْتِفَاعُ الْعِصْمَةِ، وَزَوَالُ الْأَمَانِ.
وَقِيلَ : إنَّ مَعْنَاهُ : هَذِهِ بَرَاءَةٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ؛ وَلِذَلِكَ ارْتَفَعَ.
وَقِيلَ : هُوَ ابْتِدَاءٌ، وَخَبَرُهُ الظَّرْفُ فِي ﴿ إلَى ﴾ فَاقْتَضَى قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ :﴿ بَرَاءَةٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ ﴾ نَقْضَ الْعَهْدِ الَّذِي كَانَ بَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَهُمْ، وَرَفْعَ الْأَمَانِ، وَإِعْلَامَ نَصْبِ الْحَرْبِ وَالْقِتَالِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ، وَهُوَ عَلَى نَحْوِ قَوْله تَعَالَى :﴿ وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ ﴾ فَكَانَ مَا ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مِنْ الْبَرَاءَةِ نَبْذًا إلَيْهِمْ وَرَفْعًا لِلْعَهْدِ.
وَقِيلَ : إنَّ ذَلِكَ كَانَ خَاصًّا فِيمَنْ أَضْمَرُوا الْخِيَانَةَ وَهَمُّوا بِالْغَدْرِ، وَكَانَ حُكْمُ هَذَا اللَّفْظِ أَنْ يُرْفَعَ الْعَهْدُ فِي حَالِ ذِكْرِ ذَلِكَ لَهُمْ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ﴾ بَيَّنَ بِهِ أَنَّ هَذِهِ الْبَرَاءَةَ وَهَذَا النَّبْذَ إلَيْهِمْ إنَّمَا هِيَ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَأَنَّ عَهْدَ ذَوِي الْعَهْدِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ مِنْهُمْ بَاقٍ إلَى آخِرِ هَذِهِ الْمُدَّةِ ؛ قَالَ الْحَسَنُ : فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ عَهْدُهُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ حُطَّ إلَيْهَا.
وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ عَهْدُهُ أَقَلَّ رُفِعَ إلَيْهَا.
وَقِيلَ : إنَّ هَذِهِ الْأَرْبَعَةَ الْأَشْهُرِ الَّتِي هِيَ أَشْهُرُ الْعَهْدِ أَوَّلُهَا مِنْ عِشْرِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَصَفَرٌ وَعَشَرَةُ أَيَّامٍ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ الَّتِي حَجَّ فِيهَا أَبُو بَكْرٍ، وَقَرَأَ فِيهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ سُورَةَ بَرَاءَةٌ عَلَى النَّاسِ بِمَكَّةَ بِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ


الصفحة التالية
Icon