الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ : قَوْله تَعَالَى :﴿ وَلَا تَأْكُلُوهَا إسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا ﴾ إسْرَافًا : يَعْنِي مُجَاوَزَةً مِنْ أَمْوَالِكُمْ الَّتِي تَنْبَغِي لَكُمْ إلَى مَا لَا يَحِلُّ لَكُمْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ.
وَالْإِسْرَافُ : مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ الْمُبَاحِ إلَى الْمَحْظُورِ.
وَبِدَارًا : يَعْنِي مُبَادَرَةً أَنْ يَكْبَرُوا، وَاسْتِبَاقًا لِمَعْرِفَتِهِمْ لِمَصَالِحِهِمْ، وَاسْتِئْثَارًا عَلَيْهِمْ بِأَمْوَالِهِمْ.
الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ : قَالَ عُلَمَاؤُنَا : لَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَمَلٌ فِي أَمْوَالِهِمْ وَقُبِضَتْ عَنْهَا أَيْدِيهِمْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِيهَا قَوْلٌ، وَلَا نَفَذَ لَهُمْ فِيهَا عَقْدٌ وَلَا عَهْدٌ، فَلَا يَجُوزُ فِيهَا بَيْعُهُمْ وَلَا نَذْرُهُمْ ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ الَّتِي لِأَجْلِهَا قُبِضَتْ أَيْدِيهِمْ عَنْهَا الصِّيَانَةُ لَهَا عَنْ تَبْذِيرِهِمْ وَالْحِفْظُ لَهَا إلَى وَقْتِ مَعْرِفَتِهِمْ وَتَبَصُّرِهِمْ ؛ فَلَوْ جَازَ لَهُمْ فِيهَا بَيْعٌ أَوْ هِبَةٌ أَوْ عَهْدٌ لَبَطَلَتْ فَائِدَةُ الْمَنْعِ لَهُمْ عَنْهَا، وَسَقَطَ مَقْصُودُ حِفْظِهَا عَلَيْهِمْ.
فَأَمَّا مَا كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ أُمِّ وَلَدٍ تَمَكَّنُوا مِنْهُمَا فَكَلَامُهُمْ نَافِذٌ فِيهِمَا، وَيَنْفُذُ طَلَاقُ الزَّوْجَةِ وَعِتْقُ أُمِّ الْوَلَدِ عَلَيْهِمْ ؛ لِأَنَّهُمْ تَمَكَّنُوا مِنْ ذَلِكَ فِعْلًا فَيَنْفُذُ الْقَوْلُ فِيهِمَا شَرْعًا.
وَهَذِهِ نُكْتَةٌ بَدِيعَةٌ فِي الْحُجَّةِ لِإِنْفَاذِ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ.
الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ : إذَا كَانَ الِاخْتِبَارُ إلَى بُلُوغِ النِّكَاحِ فِي الْحُرَّةِ، وَقُلْنَا : إنَّهُ فِي ذَاتِ الْأَبِ سِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةٌ، وَفِي الْيَتِيمَةِ سِتَّةٌ فَمَا عَمِلْنَا فِي أَثْنَاءِ السِّتَّةِ أَوْ السَّبْعَةِ مَحْمُولٌ عَلَى الرَّدِّ وَمَا كَانَ مِنْ الْعَمَلِ بَعْدَهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْجَوَازِ.
وَقَالَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا : مَا عَمِلْتَ فِي السِّتَّةِ وَالسَّبْعَةِ مَحْمُولٌ عَلَى الرَّدِّ، إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ فِيهِ السَّدَادُ، وَمَا عَمِلْتَ بَعْدَ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِمْضَاءِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ فِيهِ السَّفَهُ.
وَلَقَدْ وَقَعَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ


الصفحة التالية
Icon