سُورَةُ الضُّحَى [ فِيهَا ثَلَاثُ آيَاتٍ ] الْآيَةُ الْأُولَى قَوْله تَعَالَى :﴿ وَالضُّحَى ﴾ : فِيهَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ : الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى قَوْلُهُ :﴿ الضُّحَى ﴾ : هُوَ ضَوْءُ النَّهَارِ حِينَ تُشْرِقُ الشَّمْسُ، وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ، يُقَالُ : ارْتَفَعَتْ الضُّحَى، وَمَعْنَاهَا هُوَ الضَّوْءُ مُذَكَّرٌ، وَتَصْغِيرُهُ ضُحَيَّا، فَإِذَا فَتَحْت مَدَدْت، قَالَ الشَّاعِرُ : أُعَجِّلُهَا أَقْدُحِي الضَّحَاءَ ضُحًى وَهِيَ تُنَاصِي ذَوَائِبَ السِّلْمِ يَصِفُ أَنَّهُ نَامَ عَنْ إبِلٍ، فَأَخَذَهَا ضُحًى قَبْلَ أَنْ تَبْلُغَ الضَّحَاءُ.
وَتَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ الضَّحَاءَ بَعْدَ الضُّحَى، حَقٌّ إنَّهُ لِيَتَمَادَى إلَى نِصْفِ النَّهَارِ، فَفِي الْحَدِيثِ :﴿ إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ حِينَ هَاجَرَ، وَقَدْ اشْتَدَّ الضَّحَاءُ، وَكَادَتْ الشَّمْسُ تَزُولُ ﴾.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا : وَفِيهِ قَوْلَانِ : أَحَدُهُمَا ﴿ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُمِيَ بِالْحَجَرِ فِي إصْبَعِهِ فَدَمِيَتْ ؛ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هَلْ أَنْتِ إلَّا إصْبَعٌ دَمِيَتْ.
وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيت.
قَالَ : فَمَكَثَ لَيْلَةً أَوْ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا لَا يَقُومُ، فَقَالَتْ امْرَأَةٌ لَهُ : يَا مُحَمَّدُ ؛ مَا أَرَى شَيْطَانَك إلَّا قَدْ تَرَكَك ؛ فَنَزَلَتْ السُّورَةُ ﴾
.
الثَّانِي : رَوَى جُنْدُبُ بْنُ سُفْيَانَ فِي الصَّحِيحِ قَالَ :﴿ اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَقُمْ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، فَجَاءَتْ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ : يَا مُحَمَّدُ، إنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ شَيْطَانُك قَدْ تَرَكَك ﴾.
وَفِي رِوَايَةٍ : مَا أَرَى صَاحِبَك إلَّا أَبْطَأَك، فَنَزَلَتْ.
وَهَذَا أَصَحُّ.


الصفحة التالية
Icon