وَفِيمَا أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ( إجَازَةً ) عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الْأَصَمِّ عَنْ الرَّبِيعِ عَنْ الشَّافِعِيِّ ( رَحِمَهُ اللَّهُ )، قَالَ : قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى :﴿ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إذْ يَخْتَصِمُونَ ﴾، وَقَالَ تَعَالَى :﴿ وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ إذْ أَبَقَ إلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنْ الْمُدْحَضِينَ ﴾.
فَأَصْلُ الْقُرْعَةِ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : فِي قِصَّةِ الْمُقْتَرِعِينَ [ عَلَى مَرْيَمَ ]، وَالْمُقَارِعِينَ يُونُسَ ( عَلَيْهِ السَّلَامُ ) مُجْتَمِعَةٌ وَلَا تَكُونُ الْقُرْعَةُ ( وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ).
إلَّا بَيْنَ الْقَوْمِ مُسْتَوِينَ فِي الْحُجَّةِ.
وَلَا يَعْدُو ( وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ) الْمُقْتَرِعُونَ عَلَى مَرْيَمَ ( عَلَيْهَا السَّلَامُ )، أَنْ يَكُونُوا : كَانُوا سَوَاءً فِي كَفَالَتِهَا ؛ فَتَنَافَسُوهَا لَمَّا كَانَ أَنْ تَكُونَ عِنْدَ وَاحِدٍ، أَرْفَقَ بِهَا.
لِأَنَّهَا لَوْ صُيِّرَتْ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ، وَعِنْدَ غَيْرِهِ مِثْلِ ذَلِكَ : أَشْبَهَ أَنْ يَكُونَ أَضَرَّ بِهَا ؛ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْكَافِلَ إذَا كَانَ وَاحِدًا : كَانَ أَعَطَفَ لَهُ عَلَيْهَا، وَأَعْلَمَ لَهُ ] بِمَا فِيهِ مُصْلِحَتُهَا : لِلْعِلْمِ : بِأَخْلَاقِهَا، وَمَا تَقْبَلُ، وَمَا تَرُدُّ، وَ [ مَا ] يَحْسُنُ [ بِهِ ] اغْتِذَاؤُهَا.
وَكُلُّ مَنْ اعْتَنَفَ كَفَالَتَهَا، كَفَلَهَا : غَيْرَ خَابِرٍ بِمَا يُصْلِحُهَا، وَلَعَلَّهُ لَا يَقَعُ عَلَى صَلَاحِهَا : حَتَّى تَصِيرَ إلَى غَيْرِهِ ؛ فَيَعْتَنِفُ مِنْ كَفَالَتِهَا ؛ [ مَا اعْتَنَفَ ] غَيْرُهُ.
وَلَهُ وَجْهٌ آخَرُ يَصِحُّ، وَذَلِكَ أَنَّ وِلَايَةَ وَاحِدٍ إذَا كَانَتْ صَبِيَّةً غَيْرَ مُمْتَنِعَةٍ مِمَّا يَمْتَنِعُ مِنْهُ مَنْ عَقَلَ يَسْتُرُ مَا يَنْبَغِي سِتْرُهُ كَانَ أَكْرَمَ لَهَا، وَأَسْتَرَ عَلَيْهَا أَنْ يَكْفُلَهَا وَاحِدٌ، دُونَ الْجَمَاعَةِ.
وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ عِنْدَ كَافِلٍ، وَيَغْرَمُ مَنْ بَقِيَ مُؤْنَتَهَا : بِالْحِصَصِ كَمَا تَكُونُ الصَّبِيَّةُ عِنْدَ خَالَتِهَا، وَعِنْدَ أُمِّهَا :