سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ مَدَنِيَّةٌ وَآيَاتُهَا مِائَتَانِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿آلم﴾، ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾ [البقرة: ٢٥٥] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: قَدْ أَتَيْنَا عَلَى الْبَيَانِ عَنْ مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿الم﴾ [البقرة: ١] فِيمَا مَضَى بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، وَكَذَلِكَ الْبَيَانُ عَنْ قَوْلِهِ: ﴿اللَّهُ﴾ [الفاتحة: ١] وَأَمَّا مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾ [البقرة: ١٦٣]، فَإِنَّهُ خَبَرٌ مِنَ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ، أَخْبَرَ عِبَادَهُ أَنَّ الْأُلُوهِيَّةَ خَاصَّةٌ بِهِ دُونَ مَا سِوَاهُ مِنَ الْآلِهَةِ وَالْأَنْدَادِ، وَأَنَّ الْعِبَادَةَ لَا تَصْلُحُ وَلَا تَجُوزُ إِلَّا لَهُ لِانْفِرَادِهِ بِالرُّبُوبِيَّةِ، وَتَوَحُّدِهِ بِالْأُلُوهِيَّةِ، وَأَنَّ كُلَّ مَا دُونَهُ فَمِلْكُهُ، وَأَنَّ كُلَّ مَا سِوَاهُ فَخَلْقُهُ، لَا شَرِيكَ لَهُ فِي سُلْطَانِهِ وَمُلْكِهِ ; احْتِجَاجًا مِنْهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ عَلَيْهِمْ بِأَنَّ ذَلِكَ إِذْ كَانَ كَذَلِكَ، فَغَيْرُ جَائِزَةٍ لَهُمْ عِبَادَةُ غَيْرِهِ، وَلَا إِشْرَاكُ أَحَدٍ مَعَهُ فِي سُلْطَانِهِ، إِذْ كَانَ كُلُّ مَعَبُودٍ سِوَاهُ فَمِلْكُهُ، وَكُلُّ مُعَظَّمٍ غَيْرَهُ فَخَلْقُهُ، وَعَلَى الْمَمْلُوكِ إِفْرَادُ الطَّاعَةِ لِمَالِكِهِ، وَصَرْفُ خِدْمَتِهِ إِلَى مَوْلَاهِ وَرَازِقِهِ. وَمُعَرِّفًا مَنْ كَانَ مِنْ خَلْقِهِ يَوْمَ أَنْزَلَ ذَلِكَ إِلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِتَنْزِيلِهِ ذَلِكَ إِلَيْهِ، وَإِرْسَالِهِ بِهِ إِلَيْهِمْ عَلَى لِسَانِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ، مُقِيمًا عَلَى عِبَادَةِ وَثَنٍ أَوْ


الصفحة التالية
Icon