كَمَا:
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا﴾ [النساء: ٨٤] أَيْ عُقُوبَةً "
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا﴾ [النساء: ٨٥] يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا﴾ [النساء: ٨٥] مَنْ يَصِرْ يَا مُحَمَّدُ شَفْعًا لِوِتْرِ أَصْحَابِكَ، فَيَشْفَعُهُمْ فِي جِهَادِ عَدُوِّهِمْ وَقِتَالِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؛ وَهُوَ الشَّفَاعَةُ الْحَسَنَةُ ﴿يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا﴾ [النساء: ٨٥] يَقُولُهُ: يَكُنْ لَهُ مِنْ شَفَاعَتِهِ تِلْكَ نَصِيبٌ، وَهُوَ الْحَظُّ مِنْ ثَوَابِ اللَّهِ، وَجَزِيلِ كَرَامَتِهِ. ﴿وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً﴾ [النساء: ٨٥] يَقُولُ: " وَمَنْ يَشْفَعْ وِتْرَ أَهْلِ الْكُفْرِ بِاللَّهِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ بِهِ، فَيُقَاتِلَهُمْ مَعَهُمْ، وَذَلِكَ هُوَ الشَّفَاعَةُ السَّيِّئَةُ. ﴿يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا﴾ [النساء: ٨٥] يَعْنِي بِالْكِفْلِ: النَّصِيبَ وَالْحَظَّ مِنَ الْوِزْرِ وَالْإِثْمِ. وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ كِفْلِ الْبَعِيرِ وَالْمَرْكَبِ، وَهُوَ الْكِسَاءُ أَوِ الشَّيْءُ يُهَيَّأُ عَلَيْهِ شَبِيهٌ بِالسَّرْجِ عَلَى الدَّابَّةِ، يُقَالَ مِنْهُ: جَاءَ فُلَانٌ مُكْتَفِلًا: إِذَا جَاءَ عَلَى مَرْكَبٍ قَدْ وُطِّئَ لَهُ عَلَى مَا بَيَّنَّا لِرُكُوبِهِ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ عَنَى بِقَوْلِهِ: ﴿مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا﴾ [النساء: ٨٥] الْآيَةُ، شَفَاعَةُ النَّاسِ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ. وَغَيْرُ مُسْتَنْكَرٍ أَنْ تَكُونَ الْآيَةُ نَزَلَتْ فِيمَا ذَكَرْنَا، ثُمَّ عَمَّ بِذَلِكَ كُلَّ شَافِعٍ بِخَيْرٍ أَوْ شَرٍّ. وَإِنَّمَا اخْتَرْنَا مَا قُلْنَا مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ فِي سِيَاقِ الْآيَةِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا بِحَضِّ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ، فَكَانَ ذَلِكَ بِالْوَعْدِ لِمَنْ أَجَابَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،