مِمَّا صَادَهُ أَهْلُ الْأَوْثَانِ وَعَبَدَةُ الْأَصْنَامِ وَمَنْ لَمْ يُوَحِّدِ اللَّهُ مِنْ خَلْقِهِ، أَوْ ذَبَحُوهُ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ ذَلِكَ عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوهُ. ثُمَّ خَوَّفَهُمْ إِنْ هُمْ فَعَلُوا مَا نَهَاهُمْ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ وَمِنْ غَيْرِهِ فَقَالَ: اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَرِيعٌ حِسَابُهُ لِمَنْ حَاسَبَهُ عَلَى نِعْمَتِهِ عَلَيْهِ مِنْكُمْ وَشَكَرَ الشَّاكِرُ مِنْكُمْ رَبَّهُ، عَلَى مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْهِ بِطَاعَتِهِ إِيَّاهُ فِيمَا أَمَرَ وَنَهَى، لِأَنَّهُ حَافِظٌ لِجَمِيعِ ذَلِكَ فِيكُمْ فَيُحِيطُ بِهِ، لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ، فَيُجَازِي الْمُطِيعَ مِنْكُمْ بِطَاعَتِهِ وَالْعَاصِي بِمَعْصِيَتِهِ، وَقَدْ بَيَّنَ لَكُمْ جَزَاءَ الْفَرِيقَيْنِ
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانَ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [المائدة: ٥] يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ﴾ [المائدة: ٥] الْيَوْمَ أَحِلَّ لَكُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْحَلَالُ مِنَ الذَّبَائِحِ وَالْمَطَاعِمِ، دُونَ الْخَبَائِثِ مِنْهَا. قَوْلُهُ: ﴿وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ﴾ [المائدة: ٥] وَذَبَائِحُ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَهُمُ الَّذِينَ أُوتُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ، وَأُنْزِلَ عَلَيْهِمْ، فَدَانُوا بِهِمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا ﴿حِلٌّ لَكُمْ﴾ [المائدة: ٥] يَقُولُ: " حَلَالٌ لَكُمْ أَكْلُهُ دُونَ ذَبَائِحِ سَائِرِ أَهْلِ الشِّرْكِ الَّذِينَ لَا كِتَابَ لَهُمْ مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَبِ وَعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ وَالْأَصْنَامِ، فَإِنَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ