سُورَةُ الْأَنْعَامِ مَكِّيَّةٌ وَآيَاتُهَا خَمْسٌ وَسِتُّونَ وَمِائَةٌ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ﴾ يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ [الفاتحة: ٢] : الْحَمْدُ الْكَامِلُ لِلَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، دُونَ جَمِيعِ الْأَنْدَادِ وَالْآلِهَةِ، وَدُونَ مَا سِوَاهُ مِمَّا تَعْبُدُهُ كَفَرَةُ خَلْقِهِ مِنَ الْأَوْثَانِ وَالْأَصْنَامِ. وَهَذَا كَلَامٌ مَخْرَجُهُ مَخْرَجُ الْخَبَرِ يُنْحَى بِهِ نَحْوَ الْأَمْرِ، يَقُولُ: أَخْلِصُوا الْحَمْدَ وَالشُّكْرَ لِلَّذِي خَلَقَكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَخَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، وَلَا تُشْرِكُوا مَعَهُ فِي ذَلِكَ أَحَدًا شَيْئًا، فَإِنَّهُ الْمُسْتَوْجِبُ عَلَيْكُمُ الْحَمْدَ بِأَيَادِيهِ عِنْدَكُمْ وَنِعَمِهِ عَلَيْكُمْ، لَا مَنْ تَعْبُدُونَهُ مِنْ دُونِهِ وَتَجْعَلُونَهُ لَهُ شَرِيكًا مِنْ خَلْقِهِ. وَقَدْ بَيَّنَّا الْفَصْلَ بَيْنَ مَعْنَى الْحَمْدِ وَالشُّكْرِ بِشَوَاهِدِهِ فِيمَا مَضَى قَبْلُ
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ﴾ [الأنعام: ١] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، وَأَظْلَمَ اللَّيْلَ وَأَنَارَ النَّهَارَ
كَمَا حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، قَالَ: ثنا -[١٤٥]- أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ﴾ [الأنعام: ١] قَالَ: الظُّلُمَاتُ: ظُلْمَةُ اللَّيْلِ، وَالنُّورُ: نُورُ النَّهَارِ "


الصفحة التالية
Icon