قوله تعالى :﴿ كهيعص ﴾ فيه ستة أقاويل :
أحدها : أنه اسم من أسماء القرآن، قاله قتادة.
الثاني : أنه اسم من أسماء الله، قاله علي كرم الله وجهه.
الثالث : أنه استفتاح السورة، قاله زيد بن أسلم.
الرابع : أن اسم السورة، قاله لحسن.
الخامس : أنه من حروف الجُمل تفسيرلا إله إلا الله، لأن الكاف عشرون والهاء خمسة والياء عشرة والعين سبعون والصاد تسعون. كذلك عدد حروف لا إله إلا الله، حكه أبان بن تغلب.
السادس : أنها حروف أسماء الله.
فأما الكاف فقد اختلفوا فيها من أي اسم هي على ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنها من كبير، قاله ابن عباس.
الثاني : أنها من كاف، قاله الضحاك.
الثالث : أنها من كريم، قاله ابن جبير.
وأما الهاء فإنها من هادٍ عند جميعهم.
وأما الياء ففيها أربعة أقاويل :
أحدها : أنها من يمن، قاله ابن عباس.
الثاني : من حكيم قاله ابن جبير.
الثالث : أنها من ياسين حكاه سالم.
الرابع : أنها من يا للنداء وفيه على هذا وجهان :
أحدهما : يا من يجيب من دعاه ولا يخيب من رجاه لما تعقبه من دعاء زكريا.
الثاني : يا من يجير ولا يجار عليه، قاله الربيع بن أنس. وأما العين ففيها ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنها من عزيز، قاله ابن جبير. الثاني : أنها من عالم، قاله ابن عباس.
الثالث : من عدل، قاله الضحاك. وأما الصاد فإنها من صادق في قول جميعهم فهذا بيان للقول السادس.
ويحتمل سابعاً : أنها حروف من كلام أغمضت معانيه ونبه على مراده فيه يحتمل أن يكون : كفى وهدى من لا يعص فتكون الكاف من كفى والهاء من هدى والباقي حروف يعصى لأن ترك المعاصي يبعث على امتثال الأوامر واجتناب النواهي، فصار تركها كافياً من العقاب وهادياً إلى الثواب وهذا أوجز وأعجز من كل كلام موجز لأنه قد جمع في حروف كلمة معاني كلام مبسوط وتعليل أحكام وشروط.
ثم ذكر حال من كفاه وهداه فقال :﴿ ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيّآ ﴾ فذكر رحمته حين أجابه إلى ما سألِه فاحتمل وجهين :
أحدهما : أنه رحمه بإجابته له.
الثاني : أنه إجابة لرحمته له.
قوله تعالى :﴿.... نِدآءً خَفِيّاً ﴾ [ فيه قولان ].
أحدهما : قاله ابن جريج، سراً لا رياء فيه. قال قتادة إن الله يعلم القلب النقي ويسمع الصوت الخفي فأخفى زكريا نداءه لئلا ينسب إلى الرياء فيه.
الثاني : قاله مقاتل، إنما أخفى لئلا يهزأ الناس به، فيقولون انظروا إلى هذا الشيخ يسأل الولد.
ويحتمل ثالثاً : أن إخفاء الدعاء أخلص للدعاء وأرجى للإِجابة للسنة الواردة فيه : إن الذي تدعونه ليس بأصم.
قوله تعالى :﴿... إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي ﴾ أي ضعف وفي ذكره وهن العظم دون اللحم وجهان :