قوله تعالى :﴿ الم. أَحِسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوآ... ﴾ هذا لفظ استفهام أريد به التقرير والتوبيخ وفيه خمسة أقاويل :
أحدها : معناه أظن الذين قالوا لا إله إلا الله أن يتركوا فلا يختبروا أصدقوا أم كذبوا. قاله الحسن.
الثاني : أظن المؤمنون ألا يؤمروا ولا ينهوا، قاله ابن بحر.
الثالث : أظن المؤمنون ألا يؤذوا ويقتلوا. قاله الربيع بن أنس. وقال قتادة : نزلت في أناس من أهل مكة خرجوا للهجرة فعرض لهم المشركون فرجعوا فنزلت فيهم فلما سمعها خرجوا فقتل منهم من قتل وخلص من خلص فنزل فيهم ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا ﴾ الآية.
الرابع : أنها نزلت في عمار بن ياسر ومن كان يعذب في الله بمكة، قاله عبيد بن عمير. قال الضحاك : نزلت في عباس بن أبي ربيعة أسلم وكان أخا أبي جهل لأمه أخذه وعذبه على إسلامه حتى تلفظ بكلمة الشرك مكرهاً.
الخامس : نزلت في قوم أسلموا قبل فرض الجهاد والزكاة فلما فرضا شق عليهم فنزل ذلك فيهم، حكاه ابن أبي حاتم.
وفي قوله :﴿... وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ ﴾ وجهان :
أحدهما : لا يسألون، قاله مجاهد.
الثاني : لا يختبرون في أموالهم وأنفسهم بالصبر على أوامر الله وعن نواهيه.
قوله تعالى :﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : بما افترضه عليهم.
الثاني : بما ابتلاهم به.
﴿ فََيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُواْ ﴾ فيه وجهان
: أحدهما : فليظهرن الله لرسوله صدق الصادق، قاله ابن شجرة.
الثاني : فليميزن الله الذين صدقوا من الكاذبين، قاله النقاش وذكر أن هذه الآية نزلت في مهجع مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو أول قتيل من المسلمين يوم بدر قتله عامر ابن الحضرمي، ويقال إنه أول من يدعى إلى الجنة من شهداء المسلمين وفيه يقول النبي ﷺ يوم بدر « سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ مهجع
»
. قوله تعالى :﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ ﴾ قال قتادة : الشرك وزعم أنهم اليهود.
﴿ أَن يَسْبِقُونَا ﴾ فيه وجهان
: أحدهما : أن يسبقوا ما كتبنا عليهم في محتوم القضاء.
الثاني : أن يعجزونا حتى لا نقدر عليهم، وهو معنى قول مجاهد.
ويحتمل ثالثاً : أن يفوتونا حتى لا ندركهم.
﴿ سَآءَ مَا يَحْكُُمُونَ ﴾ فيه وجهان
: أحدهما : ساء ما يظنون، قاله ابن شجرة.
الثاني : ساء ما يقضون لأنفسهم على أعدائهم، قاله النقاش.


الصفحة التالية
Icon