قوله تعالى :﴿ إذا الشمسُ كُوِّرَتْ ﴾ فيه خمسة تأويلات :
أحدها : يعني ذهب نورها وأظلمت، قاله ابن عباس.
الثاني : غُوِّرَت، وهو بالفارسية كوبكرد، قاله ابن جبير.
الثالث : اضمحلت، قاله مجاهد.
الرابع : نكست، قاله أبو صالح.
الخامس : جمعت فألقيت، ومنه كارة الثياب لجمعها، وهو قول الربيع بن خيثم.
﴿ وإذا النجوم انْكَدَرَتْ ﴾ فيه ثلاثة تأويلات :
أحدها : تناثرت، قاله الربيع بن خيثم.
الثاني : تغيرت فلم يبق لها ضوء، قاله ابن عباس.
الثالث : تساقطت، قاله قتادة، ومنه قول العجاج :
أبصَرَ خرْبان فضاء فانكَدَرْ | تَقضِّيَ البازي إذا البازي كَسَر |
﴿ وإذا الجبالُ سُيِّرتْ ﴾ يعني ذهبت عن أماكنها، قال مقاتل : فسويت بالأرض كما خلقت أول مرة وليس عليها جبل ولا فيها واد.
﴿ وإذا العِشارُ عُطِّلتْ ﴾ والعشار : جمع عشراء وهي الناقة إذا صار لحملها عشرة أشهر، وهي أنفس أموالهم عندهم، قال الأعشى :
هو الواهبُ المائةَ المصْطفا | ةَ إمّا مخاضاً وإمّا عِشاراً |
وفي « عطلت » تأويلان :
أحدهما : أُهملت، قاله الربيع.
الثاني : لم تحلب ولم تدر، قاله يحيى بن سلام.
وقال بعضهم : العشار : السحاب تعطل فلا تمطر.
ويحتمل وجهاً ثالثاً : أنها الأرض التي يعشر زرعها فتصير للواحد عُشراً، تعطل فلا تزرع.
﴿ وإذا الوُحوشُ حُشِرتْ ﴾ فيه أربعة تأويلات :
أحدها : جمعت، قاله الربيع.
الثاني : اختلطت، قاله أبي بن كعب فصارت بين الناس.
الثالث : حشرت إلى القيامة للقضاء فيقتص للجمّاء من القرناء، قاله السدي.
الرابع : أن حشرها بموتها، قاله ابن عباس.
﴿ وإذا البحارُ سُجِّرتْ ﴾ فيه ثمانية تأويلات :
أحدها : فاضت، قاله الربيع.
الثاني : يبست، قاله الحسن.
الثالث : ملئت، أرسل عذبها على مالحها، ومالحها على عذبها حتى امتلأت، قاله أبو الحجاج.
الرابع : فجرت فصارت بحراً واحداً، قاله الضحاك.
الخامس : سيرت كما سيرت الجبال، قاله السدي.
السادس : هو حمرة مائها حتى تصير كالدم، مأخوذ من قولهم عين سجراء أي حمراء.
السابع : يعني أوقدت فانقلبت ناراً، قاله عليّ رضي الله عنه وابن عباس وأُبي بن كعب.
الثامن : معناه أنه جعل ماؤها شراباً يعذب به أهل النار، حكاه ابن عيسى.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بتخفيف « سجرت » إخباراً عن حالها مرة واحدة، وقرأ الباقون بالتشديد إخباراً عن حالها في تكرار ذلك منها مرة بعد أخرى.
﴿ وإذا النفوسُ زُوِّجَتْ ﴾ فيه أربعة تأويلات :
أحدها : يعني عُمل بهن عملٌ مثل عملها، فيحشر العامل بالخير مع العامل بالخير إلى الجنة، ويحشر العامل بالشر مع العامل بالشر إلى النار، قاله عطية العوفي : حين يكون الناس أزواجاً ثلاثة.
الثاني : يزوج كل رجل نظيره من النساء فإن من أهل الجنة زوّج بامرأة من اهل الجنة، وإن كان من أهل النار زوّج بامرأة من أهل النار، قاله عمر بن الخطاب، ثم قرأ :
﴿ احْشُروا الذين ظلموا وأزواجهم ﴾ الثالث : معناه ردّت الأرواح إلى الأجساد، فزوجت بها أي صارت لها زوجاً، قاله عكرمة والشعبي.