قوله تعالى ﴿ والسماءِ ذاتِ البُروجِ ﴾ هذا قَسَمٌ، وفي البروج أربعة أقاويل :
أحدها : ذات النجوم، قاله الحسن ومجاهد وقتادة والضحاك.
الثاني : ذات القصور، قاله ابن عباس.
الثالث : ذات الخلْق الحسن، قاله المنهال بن عمرو.
الرابع : ذات المنازل، قاله يحيى بن سلام وهي اثنا عشر برجاً رصدتها العرب والعجم، وهي منازل الشمس والقمر.
﴿ واليومِ الموْعُودِ ﴾ روى أبو هريرة عن النبي ﷺ أنه يوم القيامة، وسمي بذلك لأنهم وعدوا فيه بالجزاء بعد البعث.
﴿ وشاهدٍ ومَشْهودٍ ﴾ فيه خمسة أقاويل :
أحدها : أن الشاهد يوم الجمعة، والمشهود يوم عرفة، روى ذلك أبو عرفة، روى ذلك أبو هريرة عن النبي ﷺ.
الثاني : أن الشاهد يوم النحر، والمشهود يوم عرفة، قاله إبراهيم.
الثالث : أن الشاهد الملائكة، والمشهود الإنسان، قاله سهل بن عبد الله.
الرابع : أن الشاهد الجوارح، والمشهود النفس، وهو محتمل.
الخامس : أن المشهود يوم القيامة.
وفي الشاهد على هذا التأويل خمسة أقاويل :
أحدها : هو الله تعالى، حكاه ابن عيسى.
الثاني : هو آدم عليه السلام، قاله مجاهد.
الثالث : هو عيسى ابن مريم، رواه ابن أبي نجيح.
الرابع : هو محمد ﷺ، قاله الحسن بن علي وابن عمر وابن الزبير، لقوله تعالى :﴿ فكيفَ إذا جِئْنا من كلِّ أمَّةٍ بشهيد وجئْنَا بِك على هؤلاءِ شَهيداً ﴾.
الخامس : هو الإنسان، قاله ابن عباس.
﴿ قُتِل أصحابُ الأُخْدُودِ ﴾ قال الفراء : هذا جواب القسم، وقال غيره : الجواب ﴿ إنّ بَطْشَ ربِّكَ لَشديدٌ ﴾ والأخدود : الشق العظيم في الأرض، وجمعه أخاديد، ومنه الخد لمجاري الدموع فيه، والمخدّة لأن الخد يوضع عليها، وهي حفائر شقت في الأرض وأوقدت ناراً وألقي فيها مؤمنون امتنعوا من الكفر.
واختلف فيهم، فقال عليّ : إنهم من الحبشة، وقال مجاهد : كانوا من أهل نجران، وقال عكرمة كانوا نبطاً، وقال ابن عباس : كانوا من بني إسرائيل، وقال عطية العوفي : هم دانيال وأصحابه، وقال الحسن : هم قوم من أهل اليمن، وقال عبد الرحمن بن الزبير : هم قوم من النصارى كانوا بالقسطنطينية زمان قسطنطين، وقال الضحاك : هم قوم من النصارى كانوا باليمن قبل مبعث رسول الله ﷺ بأربعين سنة، أخذهم يوسف بن شراحيل بن تُبَّع الحميري وكانوا نيفاً وثمانين رجلاً، وحفر لهم أخدوداً أحرقهم فيه، وقال السدي : الأخدود ثلاثة : واحد بالشام وواحد بالعراق، وواحد باليمن.
وفي قوله :﴿ قُتِل أصحابُ الأُخْدُودِ ﴾ وجهان :
أحدهما : أُهلك المؤمنون.
الثاني : لُعن الكافرون الفاعلون، وقيل إن النار صعدت إليهم وهم شهود عليها فأحرقتهم، فلذلك قوله تعالى :﴿ فلهُم عذابُ جهنَّمَ ولهْم عذابُ الحريق ﴾ يعني في الدنيا.
﴿ وهُمْ على ما يَفْعلونَ بالمؤمنينَ شُهودٌ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أن أصحاب الأخدود هم على عذاب المؤمنين فيها شهود، وهو ظاهر من قول قتادة.
الثاني : أنهم شهود على المؤمنين بالضلال، قاله مقاتل.


الصفحة التالية
Icon