قوله تعالى ﴿ إذا زُلزِلت الأرض زِلزالها ﴾ أي حركت الأرض حركتها، والزلزلة شدة الحركة، فيكون من زل يزل.
وفي قوله ﴿ زِلزالها ﴾ وجهان :
أحدهما : لأنها غاية زلازلها المتوقعة.
الثاني : لأنها عامة في جميع الأرض، بخلاف الزلازل المعهودة في بعض الأرض.
وهذا الخطاب لمن لا يؤمن بالبعث وعيد وتهديد، ولمن يؤمن به إنذار وتحذير، واختلف في هذه الزلزلة على قولين : أحدهما : أنها في الدنيا من أشراط الساعة، وهو قول الأكثرين.
الثاني : أنها الزلزلة يوم القيامة، قاله خارجة بن زيد وطائفة.
﴿ وأَخْرَجَتِ الأرضُ أَثْقَالَها ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها :............
الثاني : ما عليها من جميع الأثقال، وهذا قول عكرمة.
ويحتمل قول الفريقين.
ويحتمل رابعاً : أخرجت أسرارها التي استودعتها، قال أبو عبيدة : إذا كان الثقل في بطن الأرض فهو ثقل لها، وإذا كان فوقها فهو ثقل عليها.
﴿ وقالَ الإنسانُ ما لَها ﴾ يحتمل وجهين :
أحدهما : ما لها زلزلت زلزالها.
الثاني : ما لها أخرجت أثقالها.
وفي المراد بهذا « الإنسان » قولان :
أحدهما : أن المراد جميع الناس من مؤمن وكافر، وهذا قول من جعله في الدنيا من أشراط الساعة لأنهم لا يعلمون جميعأً أنها من أشراط الساعة في ابتداء أمرها حتى يتحققوا عمومها، فلذلك سأل بعضهم بعضاً عنها.
الثاني : أنهم الكفار خاصة، وهذا قول من جعلها زلزلة القيامة، لأن المؤمن يعترف بها فهو لا يسأل عنها، والكافر جاحد لها فلذلك يسأل عنها.
﴿ يومئذٍ تُحَدِّثُ أخْبارَها ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : تحدث أخبارها بأعمال العباد على ظهرها، قاله أبو هريرة ورواه مرفوعاً، وهذا قول من زعم أنها زلزلة القيامة.
الثالث : تحدث بقيام الساعة إذا قال الإنسان ما لها، قال ابن مسعود : فتخبر بأن أمر الدنيا قد انقضى، وأن أمر الآخرة قد أتى، فيكون ذلك منها جواباً عند سؤالهم، وعيداً للكافر وإنذاراً للمؤمن.
وفي حديثها بأخبارها ثلاثة أقاويل :
أحدها : أن الله تعالى يقلبها حيواناً ناطقاً فتتكلم بذلك.
الثاني : أن الله تعالى يُحدث الكلام فيها.
الثالث : يكون الكلام منها بياناً يقوم مقام الكلام.
﴿ بأنَّ ربّك أوْحَى لَهَا ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : معناه أوحى إليها بأن ألهمها فأطاعت، كما قال العجاج :
أَوْحى لها القَرَارَ فاسْتَقَرَّتِ | وشَدَّها بالراسياتِ الثُّبّتِ |
الثالث : أمرها، قاله مجاهد.
وفيما أوحى لها وجهان :
أحدهما : أوحى لها بأن تحدث أخبارها.
الثاني : بأن تخرج أثقالها.
ويحتمل ثالثاً : أوحى لها بأن تزلزل زلزالها.
﴿ يومئذٍ يَصْدُرُ الناسُ أَشْتاتاً ﴾ فيه قولان :
أحدهما : أنه يوم القيامة يصدرون من بين يدي الله تعالى فرقاً فرقاً مختلفين في قدرهم وأعمالهم، فبعضهم إلى الجنة وهم أصحاب الحسنات، وبعضهم إلى النار وهم أصحاب السيئات، قاله يحيى بن سلام.