قوله تعالى :﴿ والعادياتِ ضَبْحاً ﴾ في العاديات قولان :
أحدهما : أنها الخيل في الجهاد، قاله ابن عباس وأنس والحسن، ومنه قول الشاعر :
وطعنةٍ ذاتِ رشاشٍ واهيهْ | طعنْتُها عند صدور العاديْه |
الثاني : أنها الإبل في الحج، قاله عليٌّ رضي الله عنه وابن مسعود ومنه قول صفية بنت عبد المطلب :
فلا والعاديات غَداة جَمْعٍ | بأيديها إذا صدع الغبار |
أحدهما : أن الضبح حمحمة الخيل عند العدو، قاله من زعم أن العاديات الخيل.
الثاني : أنه شدة النّفس عند سرعة السير، قاله من زعم أنها الإبل، وقيل إنه لا يضبح بالحمحمة في عدوه إلا الفرس والكلب، وأما الإبل فضبحها بالنفَس؛ وقال ابن عباس : ضبحها : قول سائقها أج أج؛ وهذا قَسَمٌ،
﴿ فالموريات قَدْحاً ﴾ فيه ستة أقاويل :
أحدها : أنها الخيل توري النار بحوافرها إذا جرت من شدة الوقع، قاله عطاء.
الثاني : أنها نيران الحجيج بمزدلفة، قاله محمد بن كعب.
الثالث : أنها نيران المجاهدين إذا اشتعلت فكثرت نيرانها إرهاباً، قاله ابن عباس.
الرابع : أنها تهيج الحرب بينهم وبين عدوهم، قاله قتادة.
الخامس : أنه مكر الرجال، قاله مجاهد؛ يعني في الحروب.
السادس : أنها الألسنة إذا ظهرت بها الحجج وأقيمت بها الدلائل وأوضح بها الحق وفضح بها الباطل، قاله عكرمة، وهو قَسَمٌ ثانٍ.
﴿ فالمغيرات صُبْحاً ﴾ فيها قولان :
أحدهما : أنها الخيل تغير على العدو صبحاً، أي علانية، تشبيهاً بظهور الصبح، قاله ابن عباس.
الثاني : أنها الإبل حين تعدو صبحاً من مزدلفة إلى منى، قاله عليّ رضي الله عنه.
﴿ فأثَرنَ به نَقْعاً ﴾ فيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : فأثرن به غباراً، والنقع الغبار، قاله قتادة، وقال عبد الله بن رواحة :
عدمت بُنَيّتي إن لم تَروْها | تثير النقْعَ من كنفي كَداءِ |
الثالث : أنه بطن الوادي، فلعله يرجع إلى الغبار المثار من هذا الموضع.
﴿ فَوَسَطْنَ به جَمْعاً ﴾ فيه قولان :
أحدهما : جمع العدو حتى يلتقي الزخف، قاله ابن عباس والحسن.
الثاني : أنها مزدلفة تسمى جمعاً لاجتماع الحاج لها وإثارة النقع في الدفع إلى منى، قاله مكحول.
﴿ إنّ الإنسانَ لِربِّه لَكَنُودٌ ﴾ فيه سبعة أقاويل :
أحدها : لكفور قاله قتادة، والضحاك، وابن جبير، ومنه قول الأعشى :
أَحْدِثْ لها تحدث لوصْلك إنها | كُنُدٌ لوصْلِ الزائرِ المُعْتادِ |
الثاني : أنه اللوام لربه، يذكر المصائب وينسى النعم، قاله الحسن، وهو قريب من المعنى الأول.