سُورَةُ هُودٍ مَكِّيَّةٌ وَآيَاتُهَا ثَلَاثٌ وَعِشْرُونَ وَمِائَةٌ
الْقَوْلُ فِي تَفْسِيرِ السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا هُودٌ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴿الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ﴾ [هود: ١] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: قَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَ أَهْلِ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ ﴿الر﴾ [يونس: ١] وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عَنْدَنَا بِشَوَاهِدِهِ، بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ. وَقَوْلُهُ: ﴿كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ﴾ [هود: ١] يَعْنِي: هَذَا الْكِتَابَ الَّذِي أَنْزَلَهُ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ الْقُرْآنُ. وَرَفَعَ قَوْلَهُ: «كِتَابٌ» بِنِيَّةِ: هَذَا كِتَابٌ. فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ قَوْلَهُ: ﴿الر﴾ [يونس: ١] مُرَادٌ بِهِ سَائِرُ حُرُوفِ الْمُعْجَمِ الَّتِي نَزَلَ بِهَا الْقُرْآنُ، وَجُعِلَتْ هَذِهِ الْحُرُوفُ دَلَالَةً عَلَى جَمِيعِهَا، وَأَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ: هَذِهِ الْحُرُوفُ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ، فَإِنَّ الْكِتَابَ عَلَى قَوْلِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَرْفُوعًا بِقَوْلُهُ: ﴿الر﴾ [يونس: ١] وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ﴾ [هود: ١] فَإِنَّ أَهْلَ التَّأْوِيلِ اخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: تَأْوِيلُهُ: أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْي، ثُمَّ فُصِّلَتْ بِالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ.


الصفحة التالية
Icon