ولما كانت سورة الضحى نازلة في شأنه صلى الله عليه وسلم، افتتحت بالضحى، الذي هو نور ولما كانت سورة الليل سورة أبي بكر، يعني: ما عدا قصة البخيل، وكانت سورة الضحى سورة محمد، عقب بها، ولم يجعل بينهما واسطة، ليعلم ألا واسطة بين محمد وأبي بكر
سورة ألم نشرح
أقول: هي شديدة الاتصال بسورة الضحى، لتناسبهما في الجمل ولهذا ذهب بعض السلف إلى أنهما سورة واحدة بلا بسملة بينهما قال الإمام: والذي دعاهم إلى ذلك هو: أن قوله: (أَلم نشرح) كالعطف على: (أَلم يجِدكَ يتيماً فآوى) في الضحى قلت: وفي حديث الإسراء أن الله تعالى قال: (يا محمد، ألم أجدك يتيماً فآويت، وضالاً فهديت، وعائلاً فأغنيت، وشرحت لك صدرك، وحططت عنك وزرك، ورفعت لك ذكرك، فلا أذكر إلا ذكرت) الحديث أخرجه ابن أبي حاتم وفي هذا أو في دليل على اتصال السورتين معنى
سورة التين
أقول: لما تقدم في سورة الشمس: (ونَفسٍ وما سواها) فصل في هذه السورة بقوله: (لَقد خلقنا الإِنسانَ في أَحسنِ تقويم ثم رددناه أسفل سافلين) إلى آخره وأخرت هذه السورة لتقدم ما هو أنسب بالتقديم من السور الثلاث، واتصالها بسورة البلد لقوله: (وهَذا البلدِ الأَمين) وأخرت لتقدم ما هو أولى بالمناسبة مع سورة الفجر
لطيفة
نقل الشيخ تاج الدين بن عطاء الله السكندرى في لطائف المنن عن الشيخ أبي العباس المرسي، قال قرأت مرة: (والتينِ والزيتونِ) إلى أن انتهيت إلى قوله: (لقَد خلقنا الإِنسانَ في أَحسنِ تقويم ثُم رددناهُ أَسفلَ سافلين) ففكرت في معنى هذه الآية، فألهمني الله أن معناها: لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم روحاً وعقلاً، ثم رددناه أسفل سافلين نفساً وهوى قلت: فظهر من هذه المناسبة وضعها بعد (أَلم نشرح) فإن تلك أخبر فيها عن شرح صدر النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك يستدعي كمال عقله وروحه، فكلاهما في القلب الذي محله الصدر، وعن خلاصه من الوزر الذي ينشأ من النفس والهوى، وهو معصوم منهما، وعن رفع الذكر، حيث نزه مقامه عن كل موِهم فلما كانت هذه السورة في هذا العلم الفرد من الإنسان، أعقبها بسورة مشتملة على بقية الأناسى، وذكر ما خامرهم في متابعة النفس والهوى
سورة العلق
أقول: لما تقدم في سورة التين بيان خلق الإنسان في أحسن تقويم، بين هنا أنه تعالى: (خَلقَ الإِنسانَ مِن عَلق) وذلك ظاهر الاتصال فالأول بيان العلة الصورية، وهذا بيان العلة المادية
سورة القدر
قال الخطابي: لما اجتمع أصحاب النبي ﷺ على القرآن، ووضعوا سورة القدر عقب العلق، استدلوا بذلك على أن المراد بهاء الكناية في قوله: (إِنّا أَنزلناهُ في ليلةِ القدر) الإشارة إلى قوله (اقرأ) قال القاضي أبو بكر بن العربي وهذا بديع جداً
سورة لم يكن
أقول: هذه السورة واقعة موقع العلة لما قبلها، كأنه لما قال سبحانه: (إِنّا أَنزلناهُ) قيل: لم أنزل؟ فقيل لأنه لم يكن الذين كفروا منفكين عن كفرهم، حتى تأتيهم البينة، وهو رسول من الله يتلو صحفاً مطهرة وذلك هو المنزل وقد ثبتت الأحاديث بأنه كان في هذه السورة قرآن نُسخ رسمه وهو: إنا أنزلنا المال لإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، ولو أن لابن آدم واديا لابتغى إليه الثاني، ولو أن له الثاني لابتغى إليه الثالث، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب وبذلك تشتد المناسبة بين هذه السورة وبين ما قبلها، حيث ذكر هناك إنزال القرآن، وهنا إنزال المال، وتكون السورتان تعليلاً لما تضمنته سورة اقرأ، لأن أولها ذكر العلم، وفي أثنائها ذكر المال فكأنه قيل: إنا لم ننزل المال للطغيان والاستطالة والفخر، بل ليستعان به على تقوانا، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة
سورة الزلزلة
أقول: لما ذكر في آخر (لم يكُن) أن جزاء الكافرين جهنم، وجزاء المؤمنين جنات، فكأنه قيل: متى يكون ذلك؟ فقيل: (إِذا زُلزِلَت الأَرضُ زِلزالها) أي حين تكون زلزلة الأرض، إلى آخره


الصفحة التالية
Icon