« أولئك » : رفع بالابتداء و « الذين » وصلته خبره.
وقوله تعالى :﴿ فَمَا رَبِحَتْ تِّجَارَتُهُمْ ﴾ هذه الجملة عطف على الجملة الواقعة صلة، وهي :« اشتروا ».
وزعم بعضهم أنها خبر المُبْتَدَأ، وأنَّ الفاء دخلت في الخَبَرِ لما تضّمنه الموصول من معنى الشَّرْط، فيصير قوله تعالى :﴿ الذين يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ ﴾ [ البقرة : ٢٧٤ ]، ثم قال :﴿ فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ ﴾ [ البقرة : ٢٧٤ ] وهذا وهم؛ لأن « الذين » ليس مبتدأ حتى يدّعي دخول الفاء في خبره، بل هو خَبَرٌ عن « أولئك » كما تقدّم. فإن قيل : يكون الموصول مبتدأ ثانياً، فتكون الفاء دخلت في خبره.
قلنا : يلزم من ذلك عدم الربط بين المبتدأ والجملة الواقعة خبرً عنه، وأيضاً فإنَّ الصّلة ماضية معنى.
فإن قيل : يكون « الَّذين » بدلاً من « أولئك » فالجَوابَ يصير الموصول مخصوصاً لإبداله من مخصوص، والصّلة أيضاً ماضية.
فإن قيل :« االذين » صفة ل « أولئك »، ويصير نظير قولك :« الرجل الذي يأتيني فله درهم ».
قلنا : يرد بما رد به السؤال الثَّاني، وبأنه لا يجوز أن يكون وصفاً له؛ لأنه أعرف منه، ففسد هذا القَوْلُ.
والمشهور ضمّ واو « اشتروا » لالتقاء الساكنين، وإنما ضممت تشبيهاً بتاء الفاعل.
وقيل : للفرق بين واو الجِمْعِ والواو الأصلية نحو :﴿ لَوِ استطعنا ﴾ [ التوبة : ٤٢ ].
وقيل : لأن الضمة - هنا - أخفّ من الكسرة؛ لأنّها من جنس الواو.
وقيل : حركت بحركة الياء المحذوفة، فإن الأصل :« اشتريوا » كما سيأتي.
وقيل : هي للجمع فهي مثل :« نحن ». وقرئ بكسرها على أصل التقاء الساكنين، وبفتحها؛ لأنها أخف.
وأجاز الكسائي همزها تشبيهاً لها ب « أَدْؤُر » و « أَثْؤب » وهو ضعيف؛ لأن ضمها غير لازم.
وقال أبو البَقَاءِ :« ومنهم من يَخْتَلِسُهَا، فيحذفها لالتقاء السَّاكنين؛ وهو ضعيف جداً، لأن فيحذفها لالتقاء السَّاكنين؛ وهو ضعيف جداً، لأن قبلها فتحة، والفتحة لا تدلّ عليها ».
وأصل اشتروا : اشتريوا : فتحركت الياء، وانفتح ما قبلها، فقبلت أفلاً، قم حذفت لالتقاء السَّاكنين، وبقيت الفتحة دالّة عليها.
وقيل : بل حذفت الضَّمَّة من الياء فسكنت، فالتقى سَاكِنَانِ، فحذفت الياء لالتقائها ساكنةً مع « الواو ».
فإن قيل : واو الجمع قد حركت، فينبغي أن يعود السَّاكن المحذوف؟
فالجواب : أنَّ هذه الحركة عارضةٌ فهي في حكم السَّاكن، ولم يجئ ذلك إلاَّ في ضرورة الشعر؛ وأنشد الكِسَائيُّ :
٢١٥- يَا صَيَاحِ لَمْ تَنَامِ العَشِيَّا | ....................................... |
و « الضَّلالة » مفعولة، وهي : الجور عن القَصْدِ، وفقد الاهتداء، فاستعير للذهاب عن الصواب في الدين.
و « بالهدى » متعلّق ب « اشتروا » والباء هنا للعوض، وهي تدخل على المتروك أبداً.