قرىء :« وَصَّى »، وفيه معنى التكثير باعتبار المفعول الموصَّى، وأوصى رباعياً، وهي قراءة نافع، وابن عامر، وكذلك هي في مصاحف « المدينة » و « الشام ».
وقيل : أوصى ووصى بمعنى.
والضمير في « بها » فيه ستّة أقوال :
أحدها : أنه يعود على الملّة في قوله :﴿ وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ ﴾ [ البقرة : ١٣٠ ].
قال أبو حيان :« وبه أبتدأ الزمخشري، ولم يذكر المهدوي غيره ».
والزمخشري رحمه الله لم يذكر هذا، وإنما ذكر عوده على قوله « أسلمت » لتأويله بالكلمة.
قال الزمخشري : والضمير في « بها » لقوله :﴿ أسلمت لرب العالمين ﴾ على تأويل الكلمة والجملة، ونحوه رجوع الضمير في قوله :﴿ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً ﴾ [ الزخرف : ٢٨ ] إلى قوله :﴿ إِنَّنِي بَرَآءٌ مِّمَّا تَعْبُدُونَ إِلاَّ الذي فَطَرَنِي ﴾ [ الزخرف : ٢٦ ٢٧ ] وقوله :« كَلِمَةً بَاقِيَةً » دليل على أن التأنيث على معنى الكلمة. انتهى.
الثاني : أنه يعود على الكلمة المفهومة من قوله :« أسلمت » كما تقدم تقريره عن الزمخشري.
قال ابن عطية :« وهو أصوب لأنه أقرب مذكور ».
الثالث : أنه يعود على متأخرن وهو الكلمة المفهومة من قوله :﴿ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنْتُم مُّسْلِمُونَ ﴾.
الرابع : أنه يعود على كلمة الإخلاص، وإن لم يَبْدُ لها ذكر قاله الكلبي ومقاتل.
الخامس : أنه يعود على الطَّاعة للعلم بها أيضاً.
السادس : أنه يعود على الوصيّة المدلول عليها بقوله :« ووصّى »، و « بها » يتعلّق ب « وَصَّى » و « بينه » مفعول به.
روي أنهم ثمانية : إسماعيل، واسم أمه هاجر القبطية، وإساحق، وأسم أمه سارة وستة، واسم أمهم قنطورا بنت قطن الكنعانية تزوجها إبراهيم بعد وفاة سارة، فولدت له مدين ومداين ونهشان وزمران وتشيق وشيوخ، ثم توفي ﷺ.
وكان بين وفاته وبين مولد النبي ﷺ نحو من ألفي سنةٍ وستمائة سنة، واليهود ينقصون ذلك نحواً من أربعمائة سنة.
قوله :« وَيَعْقُوب » والجمهور على رفعة وفيه قولان :
أظهرهما : أنه عطف على « إبراهيم »، ويكون مفعوله محذوفاً، أي : ووصى يعقوب بنيه أيضاً.
والثاني : أن يكون مرفوعاً بالابتداء، وخبره محذوف تقديره : ويعقوب قال : يا بني إن الله اصطفى.
وقرأ إسماعيل بن عبدالله، وعمرو بن فائد بنصبه عطفاً على « بنيه »، أي : ووصّى إبراهيم يعقوب أيضاً.
[ ولم ينقل أنّ يعقوب جده إبراهيم ﷺ، وإنما ولد بعد موته قاله الزمخشري، وعاش يعقوب مائة وسبعة وأربعين سنة، ومات بمصر، وأوصى أن يحمل إلى الأرض المقدسة ويدفن عند ابنه إسحاق، فحمله يوسف، ودفنه عنده ].
قوله :« يَابَنِي » فيه وجهان :
أحدهما : أنه مقول إبراهيم ﷺ، وذلك على القول بعطف يعقوب على إبراهيم، أو على قراءته منصوباً.