قال القرطبيُّ : لا جناح، أي : لا إِثْمَ والجناحُ : الإثمُ، وهو أصح في الشَّرع.
وقيل : بل هو الأَمر الشاقُّ، وهو أصحُّ في اللغة؛ قال الشَّمَّاخ :[ الوافر ]
١١٣٥- إِذَا تَعْلُو بِرَاكِبِهَا خَلِيجاً | تَذَكَّرُ مَا لَدَيْهِ مِنَ الجُنَاحِ |
وأصلُهُ مِنْ عُرض الشيء، وهو جانبُهُ؛ كأنَّه يحوم حولَهُ؛ ولا يظهر، ونظيره أن يقول المُحتاج للمحتاج إليه : جئتُكَ لأُسلمَ عَلَيك، ولأنْظر إلى وجهك الكريم؛ ولذلك قال :[ الطويل ]
١١٣٦-.............................. | وَحَسْبُكَ بِالتَّسْلِيمِ مِنِّي تَقَاضِيَا |
وقال الفراء : الخِطْبَةُ مصدرٌ بمعنى الخَطْب، وهي مثل قولك : إِنَّه لَحَسَنُ القِعْدةِ والجِلْسَةِ تريد : القُعُود والجُلُوس والخطبَةُ مصدرٌ في الأصل بمعنى الخَطْبِ، والخَطْب : الحاجة، ثم خُصَّت بالتماس النكاح؛ لأنه بعضُ الحاجات، يقال : ما خَطْبُكَ؟ أي : ما حاجتُك. وفي اشتقاقه وجهان :
الأول : الأمر والشأن يقال ما خطبُكَ؟ أي : ما شأنُكَ؟ فقولهم : خَطَبَ فلانٌ فُلانَةً، أي : سَأَلَهَا أَمراً وشأناً في نفسِها.
والثاني : أصلُ الخِطْبة من الخطابة الَّذي هو الكلامُ، يقال : خَطَبَ المرأة، أي : خاطبها في أمر النِّكاح، والخطب : الأمر العظيم؛ لأ، َّه يحتاجُ لخطاب كثيرٍ. والخطبة بالضَّم، الكلامُ المشتملُ على الوعظِ والزَّجرِ، وكلاهما من الخَطْبِ الذي هو الكلامُ، وكانت سَجاح يُقال لها خِطْبٌ فتقول : نِكْحٌ.
قوله تعالى :﴿ مِنْ خِطْبَةِ النسآء ﴾ في محلِّ نصبٍ على الحالِ، وفي صاحبها وجهان :
أحدهما : الهاءُ المجرورةُ في « بِهِ ».
والثاني :« مَا » المجرورة ب « فِي »، والعاملُ على كِلا التقديرين محذوفٌ، وقال أبو البقاء : حالٌ من الهاءِ المجرورةِ، فيكونُ العاملُ فيه « عَرَّضْتُمْ »، ويجوزُ أن يكونَ حالاً من « مَا » فيكونُ العاملُ فيه الاستقرارَ. قال شهاب الدين : وهذا على ظاهره ليس بجيِّدٍ؛ لأنَّ العاملَ فيه محذوفٌ؛ على ما تقرَّر، إلا أَنْ يريدَ من حيث المعنى لا الصناعةُ، فقد يجوزُ له ذلك.
والخِطبة بكسر الخاء - فعلُ الخاطِب - : من كلام وقصدٍ، واستلطافٍ، بفعل أَو قولٍ. يقال : خطبها يخطبها خطباً، أو خطبةً، ورجل خَطّاب كثيرُ التصرفِ في الخطبةِ، والخطيبُ : الخاطِبُ، والخِطِّيبَى : الخِطْبة، والخطبة فعلهُ : كجلسةٍ، وقعدةٍ، وخُطبة - بضمِّ الخاءِ - هي الكلامُ الذي يقال في النكاح، وغيره.