العامة على « شَهِدَ » فعلاً ماضياً، مبنيًّا للفاعل، ولفظ الجلالة رَفْع به.
وقرأ أبو الشعثاء :« شُهِدَ » مبنيًّا للمفعول، ولفظ الجلالة قائِم مقام الفاعل، وعلى هذه القراءة يكون « أنَّهُ لاَ إلَهَ إلاَّ هُوَ » في محل رفع؛ بدلاً من اسم « اللهُ » - بدل اشتمال، تقديره : شُهِدَ وحدانيةُ الله - تعالى - وألوهيتهُ.
ولما كان المعنى على هذه القراءة كذلك أشكل عطف الملائكة، وأولي العلم على لفظ الجلالة، فخُرِّج ذلك على عدم العطف، بل إما على الابتداء، والخبر محذوف؛ لدلالة الكلام عليه، تقديره : والملائكة، وأولو العلم يشهدون بذلك، يدل عليه قوله تعالى :﴿ شَهِدَ الله ﴾، وإما على الفاعلية بإضمار محذوف، تقديره : وشَهِدَ الملائكةُ، وأولو العلم بذلك، وهو قريب من قوله تعالى :﴿ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بالغدو والآصال ﴾ [ النور : ٣٦ ]، في قراءة مَنْ بناه للمفعول.
وقوله :[ الطويل ]

١٣٦٧ - لِيُبْكَ يَزِيدُ ضَارعٌ لِخُصُومَةٍ وَمُخْتَبِطٌ مِمَّا تُطِيحُ الطَّوَائِحُ
وقرأ أبو المهلَّب :« شُهَدَاءَ اللهِ » جمعاً على فُعَلاَء - كظُرفاءَ - منصوباً، ورُوِيَ عنه وعن أبي نُهَيْك كذلك إلا أنه مرفوع، وفي كلتا القراءتين مضاف للفظ الجلالة، فأما النصب فعلى الحال، وصاحبها هو الضمير المستتر في « الْمُسْتَغْفِرِينَ ».
قال ابنُ جني، وتبعه الزمخشريُّ، وأبو البقاء : وأما الرفع فعلى إضمار مبتدأ، أي : هم شهداءُ الله.
وشهداء : يُحْتَمل أن يكون جمع شاهد - كشاعر وشُعَراء - وأن يكون جمع شهيد كظريف وظُرفاء. وقرأ أبو المهلب - أيضاً - :« شُهُداً الله » - بضم الشين والهاء والتنوين ونصب لفظ الجلالة وهو منصوب على الحال؛ جمع شهيد - كنذير ونُذُر - واسم « الله » منصوب على التعظيم أي يشهدون الله، أي : وحدانيته.
وروى النقاش أنه قرأ كذلك، إلاّ أنه قال : برَفْع الدال ونصبها، والإضافة للَفْظ الجلالة، فالرفع والنصب على ما تقدم في « شُهَدَاءَ »، وأما الإضافة، فيحتمل أن تكون محضة، بمعنى أنك عرفتهم إضافتهم إليه من غير تعرض لحدوث فعل، كقولك : عباد الله، وأن يكون من نصب كالقراءة قبلها فتكون غير محضة.
ونقل الزمخشريُّ أنه قُرِئ « شُهَدَاء لله » جمعاً على فُعَلاَء، وزيادة لام جر داخلة على اسم الله، وفي الهمزة النصب والرفع، وخرجهما على ما تقدم من الحال والخبر، وعلى هذه القراءات كلها ففي رفع « الْمَلاَئِكَةِ » وما بعدها ثلاثة أوجه :
أحدها : الابتداء، والخبر محذوف.
والثاني : أنه فاعل بفعل مقدر.
الثالث :- ذكره الزمخشريُّ - وهو النسق على الضمير المستكن في « شَهِدَ اللهُ »، قال :« وجاز ذلك لوقوع الفاصلِ بينهما ».
قوله :« أنَّهُ » العامة على فَتح الهمزة، وإنما فُتِحَت؛ لأنها على حذف حرف الجر، أي : شهد الله بأنه لا إله إلا هو، فلما حذف الحرف جاز أن يكون محلها نصباً، وأن يكون محلها جَرًّا.


الصفحة التالية
Icon