قوله تعالى :﴿ إِذَا وَقَعَتِ الواقعة لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ ﴾.
في « إذا » أوجه :
أحدها : أنها ظرف محض ليس فيها معنى الشَّرط، والعامل فيها « ليس ».
الثاني : أن العامل فيها « اذْكر » مقدراً.
قال الزمخشري : فإن قلت : بم انتصب « إذا »؟.
قلت : ب « ليس »، كقولك : يوم الجمعة ليس لي شغل.
ثم قال : أو بإضمار « اذكر ».
قال أبو حيان :« ولا يقول هذا نحوي ».
قال : لأن « ليس » مثل « ما » النافية فلا حدث فيها، فكيف تعمل في الظرف من غير حدث، وتسميتها فعلاً مجازاً، فإن حدَّ الفعل غير منطبق عليها.
ثم قال : وأمَّا المثال الذي نظر به، فالظرف ليس معمولاً ل « ليس » بل للخبر، وتقدم معمول خبرها عليها، وهي مسألة خلاف. انتهى.
قال شهاب الدين : الظروف تعمل فيها روائح الأفعال، ومعنى كلام الزمخشري أن النفي المفهوم من « ليس » هو العامل في « إذا » كأنه قيل : ينتفي كذب وقوعها إذا وقعت، ويدل على هذا قول أبي البقاء رحمه الله.
والثاني : ظرف لما دل عليه ﴿ لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ ﴾، أي : إذا وقعت لم تكذب، فإن قيل : فليجر ذلك في « ما » النافية؟.
فالجواب : أن الفعل أقرب إلى الدلالة على الحدث من الحرف.
الثالث : أنها شرطية، وجوابها مقدر، أي :« إذا وقعت كان كيت وكيت »، وهو العامل فيها.
الرابع : أنها شرطية، والعامل فيها الفعل الذي بعدها ويليها، وهو اختيار أبي حيان، وتبع في ذلك مكيًّا.
قال مكي :« والعامل فيه » وقعت «؛ لأنها قد يجازى بها، فعمل فيها الفعل الذي بعدها كما يعمل في » مَا «، و » مَنْ « اللتين للشرط في قولك : ما تَفْعَلْ أفْعَلْ، ومن تُكْرِمْ أكْرِمْ »، ثم ذكر كلاماً كثيراً.
الخامس : أنها مبتدأ، و « إذَا رُجَّتْ » خبرها، وهذا على قولنا :« إنها تتصرف » وقد مضى تحريره إلا أن هذا الوجه إنما جوزه ابن مالك، وابن جني، وأبو الفضل الرازي على قراءة من نصب « خافِضَةً رافِعَةً » على الحال، وحكاه بعضهم عن الأخفش.
قال شهاب الدين :« ولا أدري اختصاص ذلك بوجه النَّصب ».
السادس : أنه ظرف ل « خافضة »، أو « رافعة ». قاله أبو البقاء. أي إذا وقعت خفضت ورفعت.
السابع : أن تكون ظرفاً ل « رُجَّتْ »، و « إذَا » الثانية على هذا إما بدل من الأولى، أو تكرير لها.
الثامن : أن العامل فيه ما دلّ عليه قوله :


الصفحة التالية
Icon