يريد :« مِنَ الآنِ » فجره بالكسرة، وهذا يحتمل أن يكون بني على الكسر، وزعم الفراء أنه منقول من فعل ماضي، وأن أصله « آنَ » بمعنى :« حان » فدخلت عليه « أل » زائدة، واسْتُصْحِب بناؤه على الفَتْح، وجعله مثل قولهم « ما رأيته من شب إلى دُبَّ ».
وقوله ﷺ :« وأنْهَاكُمْ عَنْ قِيلٍ وَقَال ».
ورد عليه بأن « أل » لا تدخل على المنقول من فعل ماض، وبأنه كان ينبغي أن يجوز إعرابه كنظائره.
وعنه قول آخر أن أصله « أوان » فحذفت الألف، ثم قلبت الواو ألفاً، فعلى هذا ألفعه عن واو.
وأدخله الرَّاغب في باب « أين »، فتكون ألفه عن « ياء ». والصواب الأول.
وقرىء : قالوا : ألآن بتحقيق الهمزة من غير نَقْل، وهي قراءة الجمهور.
و « قَالُ : لأنَ » بنقل حركة الهمزة على اللام قبلها، وحذف الهمزة، وهو قياس مطّرد، وبه قرأ نافع وحمزة باختلاف عنه.
و « قَالُوا : لآنَ » بثبوت « الواو » من « قالوا » ؛ لأنها إنما حذفت لالتقاء السكانين، وقد تحركت « اللام » لنقل حركة « الهمزة » إليها، واعتدوا بذلك كما قالوا في الأحمر « مَحْمَر ».
وسيأتي تحقيق هذا إن شاء الله تعالى في ﴿ عَاداً الأولى ﴾ [ النجم : ٥٠ ] ويحكى وجه رابع « قَالُوا : آلآنَ » بقطع همزة الوصل، وهو بعيد، و « بِالحَق » يجوز فيه وجهان :
أحدهما : أن تكون باء التَّعدية كالهمزة كأنه قيل :« أَجَأْتَ الحق »، أي : ذكرته.
الثاني : أن يكون في محلّ نصب على الحال من فاعل « جئت » أي : جئت ملتبساً بالحق، أو « ومعك الحق ».
فصل في تحقيق أنهم لم يكفروا
قال القاضي : قولهم :« الآن جِئْتَ بِالْحَقِّ » كفر من قِبَلِهم لا محالة؛ لأنه يدل على أنهم اعتقدوا فيما تقدم من الأوامر أنها ما كانت حقّة.
قال ابن الخطيب : وهذا ضعيف لاحتمال أن يكون المراد الآن ظهرت حقيقة ما أمرنا به حتى تميزت من غيرها فلا يكون كفراً.
قوله :« فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ » أي : فذبحوا البقرة. و « كَادُوا » كاد واسمها وخبرها، والكثير في خبرها تجرده من « أن ».
وشذ قوله :[ الرجز ]
٥٩١ قَدْ كَادَ مِنْ طُولٍ الْبِلَى أَنْ يَمْصَحَا... وهي عكس « عسى » وذكروا ل « كاد » تفسيرين :
أحدهما : قالوا : نفيها إثبات وإثباتها نفي، فقوله : كاد يفعل كذا، معناه : قرب من أن يفعل، لكنه ما فعله.
والثاني : قال عبدالقاهر النحوي : إن « كاد » لمقاربة الفعل، فقوله :« كاد يفعل » [ معناه ] قرب من فعله.
وقوله :« ما كاد يفعل » معناه : ما قرب منه.