أخرج مالك والشافعي وعبد بن حميد والترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن هشام بن عروة عن أبيه قال : كان الرجل إذا طلق امرأته ثم ارتجعها قبل أن تنقضي عدتها كان ذلك له، وإن طلقها ألف مرة، فعمد رجل إلى امرأته فطلقها، حتى إذا ما جاء وقت انقضاء عدتها ارتجعها ثم طلقها ثم قال : والله لا آويك ولا تحلين أبداً، فأنزل الله ﴿ الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ﴾ فاستقبل الناس الطلاق جديداً من يومئذ، من كان منهم طلق ومن لم يطلق.
وأخرج الترمذي وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في سننه من طريق هشام بن عروة عن أبيه أن عائشة قالت :« كان الناس والرجل يطلق امرأته ما شاء الله أن يطلقها وهي امرأته إذا ارتجعها وهي في العدة وإن طلقها مائة مرة أو أكثر، حتى قال رجل لامرأته : والله لا أطلقك، فتبيني ولا آويك أبداً. قالت : وكيف ذلك؟ قال : أطلقك، فكلما همت عدتك أن تنقضي راجعتك. فذهبت المرأة حتى دخلت على عائشة فأخبرتها، فسكتت عائشة حتى جاء النبي ﷺ، فأخبرته فسكت النبي ﷺ حتى نزل القرآن ﴿ الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ﴾ قالت عائشة : فاستأنف الناس الطلاق مستقبلاً من طلق ومن لم يطلق ».
وأخرج ابن مردويه والبيهقي عن عائشة قالت :« لم يكن للطلاق وقت يطلق امرأته أم يراجعها ما لم تنقض العدة، وكان بين رجل وبين أهله بعض ما يكون بين الناس، فقال : والله لأتركنك لا أيّماً ولا ذات زوج، فجعل يطلقها حتى إذا كادت العدة أن تنقضي راجعها ففعل ذلك مراراً، فأنزل الله فيه ﴿ الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ﴾ فوقت لهم الطلاق ثلاثاً يراجعها في الواحدة وفي الثنتين، وليس في الثالثة رجعة حتى تنكح زوجاً غيره ».
وأخرج ابن النجار عن عائشة « أنها أتتها امرأة فسألتها عن شيء من الطلاق، قالت : فذكرت ذلك لرسول الله ﷺ، فنزلت ﴿ الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ﴾ ».
وأخرج أبو داود والنسائي والبيهقي عن ابن عباس ﴿ والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ﴾ [ البقرة : ٢٢٨ ] إلى قوله ﴿ وبعولتهن أحق بردهن ﴾ [ البقرة : ٢٢٨ ] وذلك أن الرجل كان إذا طلق امرأته فهو أحق برجعتها وإن طلقها ثلاثاً، فنسخ ذلك فقال ﴿ الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ﴾.
وأخرج عبد الرزاق عن الثوري عن بعض الفقهاء قال « كان الرجل في الجاهلية يطلق امرأته ما شاء لا يكون عليها عدة فتزوج من مكانها إن شاءت، فجاء رجل من أشجع إلى النبي ﷺ فقال : يا رسول الله، أنا طلقت امرأتي، وأنا أخشى أن تزوج فيكون الولد لغيري، فأنزل الله ﴿ الطلاق مرتان ﴾ فنسخت هذه كل طلاق في القرآن ».