أخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق مجاهد عن ابن عباس في قوله ﴿ وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله ﴾ قال : نزلت في الشهادة.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق مقسم عن ابن عباس في قوله ﴿ وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه... ﴾ الآية. قال : نزلت في كتمان الشهادة وإقامتها.
وأخرج أحمد ومسلم وأبو داود في ناسخه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال « لما نزلت على رسول الله ﷺ ﴿ لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير ﴾ اشتد ذلك على أصحاب رسول الله ﷺ، فأتوا رسول الله ﷺ ثم جثوا على الركب، فقالوا : يا رسول الله كلفنا من الأعمال ما نطيق الصلاة، والصيام، والجهاد، والصدقة، وقد أنزل عليك هذه الآية ولا نطيقها؟ فقال رسول الله ﷺ : أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم سمعنا وعصينا؟ بل قولوا ﴿ سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير ﴾ [ البقرة : ٢٨٥ ] فلما اقترأها القوم وذلت بها ألسنتهم أنزل الله في أثرها ﴿ آمن الرسول ﴾ [ البقرة : ٢٨٥ ] الآية. فلما فعلوا ذلك نسخها الله فأنزل الله ﴿ لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ﴾ [ البقرة : ٢٨٦ ] إلى آخرها ».
وأخرج أحمد ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر والحاكم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس قال :« لما نزلت هذه الآية ﴿ إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله ﴾ دخل في قلوبهم منه شيء لم يدخل من شيء فقالوا للنبي ﷺ ؟ فقال : قولوا سمعنا وأطعنا وسلمنا. فألقى الله الإِيمان في قلوبهم، فأنزل الله ﴿ آمن الرسول... ﴾ [ البقرة : ٢٨٥ ] الآية ﴿ لا يكلف الله نفساً إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ﴾ [ البقرة : ٢٨٦ ] قال : قد فعلت ﴿ ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا ﴾ قال : قد فعلت ﴿ ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به ﴾ قال : قد فعلت ﴿ واعف عنا واغفر لنا وارحمنا... ﴾ الآية قال : قد فعلت ».
وأخرج عبد الرزاق وأحمد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد قال : دخلت على ابن عباس فقلت : كنت عند ابن عمر فقرأ هذه الآية فبكى. قال : أية آية؟ قلت ﴿ وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه ﴾ قال ابن عباس :« إن هذه الآية حين أنزلت غمت أصحاب رسول الله ﷺ غماً شديداً وغاظتهم غيظاً شديداً، وقالوا : يا رسول الله هلكنا إن كنا نؤاخذ بما تكلمنا وبما نعمل، فأما قلوبنا فليست بأيدينا؟ فقال لهم رسول الله ﷺ » قولوا سمعنا وأطعنا «. قال : فنسختها هذه الآية ﴿ آمن الرسول ﴾ [ البقرة : ٢٨٥ ] إلى ﴿ وعليها ما اكتسبت ﴾ فتجوّز لهم عن حديث النفس وأخذوا بالأعمال ».


الصفحة التالية
Icon