أخرج ابن إسحق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس قال :« دخل أبو بكر بيت المدراس فوجد يهود قد اجتمعوا إلى رجل منهم يقال له فنحاص، وكان من علمائهم وأحبارهم فقال أبو بكر : ويلك يا فنحاص. ! اتق الله وأسلم، فوالله أنك لتعلم أن محمداً رسول الله تجدونه مكتوباً عندكم في التوراة فقال فنحاص : والله يا أبا بكر ما بنا إلى الله من فقر، وإنه إلينا لفقير، وما نتضرع إليه كما يتضرع إلينا، وإنا عنه لأغنياء، ولو كان غنياً عنا ما استقرض منا كما يزعم صاحبكم، ينهاكم عن الربا ويعطينا، ولو كان غنياً عنا ما أعطانا الربا. فغضب أبو بكر فضرب وجه فنحاص ضربة شديدة وقال : والذي نفسي بيده لولا العهد الذي بيننا وبينك لضربت عنقك يا عدوّ الله. فذهب فنحاص إلى رسول الله ﷺ فقال : يا محمد انظر ما صنع صاحبك بي فقال رسول الله ﷺ لأبي بكر » ما حملك على ما صنعت؟ قال : يا رسول الله قال قولاً عظيماً : يزعم أن الله فقير وأنهم أغنياء. فلما قال ذلك غضبت لله مما قال فضربت وجهه. فجحد فنحاص فقال : ما قلت ذلك. فأنزل الله فيما قال فنحاص تصديقاً لأبي بكر ﴿ لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير.... ﴾ الآية « ونزل في أبي بكر وما بلغه في ذلك من الغضب ﴿ ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيراً.... ﴾ [ آل عمران : ١٨٦ ].
وأخرج ابن جرير وابن المنذر من وجه آخر عن عكرمة »
أن النبي ﷺ بعث أبا بكر إلى فنحاص اليهودي يستمده، وكتب إليه وقال لأبي بكر : لا تفتت عليّ بشيء حتى ترجع إليَّ. فلما قرأ فنحاص الكتاب قال : قد احتاج ربكم. قال أبو بكر، فهممت أن أمده بالسيف، ثم ذكرت قول النبي ﷺ لا تفتت عليّ بشيء. فنزلت ﴿ لقد سمع الله قول الذين قالوا... ﴾ الآية. وقوله ﴿ ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ﴾ [ آل عمران : ١٨٦ ] وما بين ذلك في يهود بني قينقاع.
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله ﴿ لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ﴾ قالها فنحاص اليهودي من نبي مرثد لقيه أبو بكر فكلمه فقال له : يا فنحاص اتق الله، وآمن وصدق، وأقرض الله قرضاً حسناً. فقال فنحاص : يا أبا بكر تزعم أن ربنا فقير وتستقرضنا أموالنا وما يستقرض إلا الفقير من الغني، إن كان ما تقول حقاً فإن الله إذن لفقير. فأنزل الله هذا فقال أبو بكر : فلولا هدنة كانت بين بني مرثد وبين النبي ﷺ لقتلته.


الصفحة التالية
Icon