أخرج ابن المبارك وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان من طريق داود بن صالح قال : قال أبو سلمة بن عبد الرحمن : تدري في أي شيء نزلت هذه الآية ﴿ اصبروا وصابروا ورابطوا ﴾ ؟ قلت : لا. قال : سمعت أبا هريرة يقول : لم يكن في زمان النبي ﷺ غزو يرابط فيه ولكن انتظار الصلاة بعد الصلاة.
وأخرج ابن مردويه من وجه آخر عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال : أقبل عليَّ أبو هريرة يوماً فقال : أتدري يا ابن أخي فيم أنزلت هذه الآية ﴿ يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا ﴾ ؟ قلت : لا. قال : أما إنه لم يكن في زمان النبي ﷺ غزو يرابطون فيه ولكنها نزلت في قوم يعمرون المساجد يصلون الصلاة في مواقيتها، ثم يذكرون الله فيها فعليهم أنزلت ﴿ اصبروا ﴾ أي على الصلوات الخمس ﴿ وصابروا ﴾ أنفسكم وهواكم ﴿ ورابطوا ﴾ في مساجدكم ﴿ واتقوا الله ﴾ فيما علمكم ﴿ لعلكم تفلحون ﴾.
وأخرج ابن مردويه عن أبي أيوب قال : وقف علينا رسول الله ﷺ فقال « هل لكم إلى ما يمحو الله تعالى به الذنوب ويعظم به الأجر؟ فقلنا : نعم يا رسول الله قال : إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة. قال : وهو قول الله ﴿ يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا ﴾ فذلكم هو الرباط في المساجد ».
وأخرج ابن جرير وابن حبان عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله ﷺ :« ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويكفر به الذنوب؟ قلنا : بلى يا رسول الله. قال : إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط ».
وأخرج ابن جرير من حديث علي. مثله.
وأخرج مالك والشافعي وعبد الرزاق وأحمد ومسلم والترمذي والنسائي وابن أبي حاتم عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال :« ألا أخبركم بما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط. فذلكم الرباط. فذلكم الرباط ».
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي غسان قال : إن هذه الآية إنما أنزلت في لزوم المساجد ﴿ يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا ﴾.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم في الآية قال : أمرهم أن يصبروا على دينهم ولا يدعوه لشدة، ولا رخاء، ولا سراء، ولا ضراء. وأمرهم أن يصابروا الكفار، وأن يرابطوا المشركين.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي في الآية قال : اصبروا على دينكم، وصابروا الوعد الذي وعدتكم، ورابطوا عدوّي وعدوكم حتى يترك دينه لدينكم، واتقوا الله فيما بيني وبينكم، لعلكم تفلحون غداً إذا لقيتموني.