أخرج الفريابي وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : قال موسى : يا رب، أجد أمة انجيلهم في قلوبهم؟ قال : تلك أمة تكون بعدك أمة أحمد. قال : يا رب، أجد أمة يصلون الخمس تكون كفارة لما بينهن؟ قال : تلك أمة تكون بعدك أمة أحمد. قال : يا رب أجد أمة يعطون صدقات أموالهم ثم ترجع فيهم فيأكلون؟ قال : تلك أمة تكون بعدك أمة أحمد. قال : يا رب، اجعلني من أمة أحمد. فأنزل الله كهيئة المرضية لموسى ﴿ ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي ليلى الكندي قال : قرأ عبدالله بن مسعود « ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون » فقال رجل : ما أحب إني منهم. فقال عبدالله : لم ما يزيد صالحوكم على أن يكونوا مثلهم؟
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن جريج في قوله ﴿ ومن قوم موسى أمة ﴾ الآية. قال : بلغني أن بني إسرائيل لما قتلوا أنبياءهم وكفروا وكانوا اثني عشر سبطاً، تبرأ سبط منهم مما صنعوا واعتذروا وسألوا الله أن يفرق بينهم وبينهم، ففتح الله له نفقاً في الأرض فساروا فيه حتى خرجوا من وراء الصين، فهم هنالك حنفاء مستقبلين يستقبلون قبلتنا. قال ابن جريج : قال ابن عباس : فذلك قوله ﴿ وقلنا من بعده لبني إسرائيل اسكنوا الأرض فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفاً ﴾ [ الإِسراء : ١٠٤ ] ووعد الآخرة عيسى ابن مريم. قال ابن عباس : ساروا في السرب سنة ونصفاً.
وأخرج ابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب قال : افترقت بنو إسرائيل بعد موسى إحدى وسبعين فرقة كلها في النار إلا فرقة، وافترقت النصارى بعد عيسى على اثنتين وسبعين فرقة كلها في النار إلا فرقة، وتفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا فرقة، فأما اليهود فإن الله يقول ﴿ ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون ﴾ وأما النصارى فإن الله يقول ﴿ منهم أمة مقتصدة ﴾ [ المائدة : ٦٦ ] فهذه التي تنجو، وأما نحن فيقول ﴿ وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون ﴾ [ الأعراف : ١٨١ ] فهذه التي تنجو من هذه الأمة.
وأخرج أبو الشيخ عن مقاتل قال : إن مما فضل الله به محمداً ﷺ أنه عاين ليلة المعراج قوم موسى الذين من وراء الصين، وذلك أن بني إسرائيل حين عملوا بالمعاصي وقتلوا الذين يأمرون بالقسط من الناس، دعوا ربهم وهم بالأرض المقدسة فقالوا : اللهمَّ أخرجنا من بين أظهرهم، فاستجاب لهم فجعل لهم سرباً في الأرض فدخلوا فيه، وجعل معهم نهراً يجري وجعل لهم مصباحاً من نور بين أيديهم، فساروا فيه سنة ونصفاً وذلك من بيت المقدس إلى مجلسهم الذي هم فيه، فأخرجهم الله إلى أرض تجتمع فيها الهوام والبهائم والسباع مختلطين بها، ليس فيها ذنوب ولا معاص، فأتاهم النبي ﷺ تلك الليلة ومعه جبريل، فآمنوا به وصدقوه وعلَّمهم الصلاة وقالوا : إن موسى قد بشَّرهم به.


الصفحة التالية
Icon