أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً ﴾ قال « كانوا عشرة رهط تخلفوا عن رسول الله ﷺ في غزوة تبوك، فلما حضر رجوع رسول الله ﷺ أوثق سبعة منهم أنفسهم بسواري المسجد، وكان ممر النبي ﷺ إذا رجع في المسجد عليهم، فلما رآهم قال : من هؤلاء الموثقون أنفسهم؟ قالوا : هذا أبو لبابة وأصحاب له تخلفوا عنك يا رسول الله، أوثقوا أنفسهم وحلفوا أنهم لا يطلقهم أحد حتى يطلقهم النبي ﷺ ويعذرهم. قال : وأنا أقسم بالله لا أطلقهم ولا أعذرهم حتى يكون الله تعالى هو الذي يطلقهم رغبوا عني وتخلفوا عن الغزو مع المسلمين، فلما بلغهم ذلك قالوا : ونحن لا نطلق أنفسنا حتى يكون الله هو الذي يطلقنا. فأنزل الله تعالى ﴿ وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً عسى الله أن يتوب عليهم ﴾ وعسى من الله وإنه هو التوّاب الرحيم، فلما نزلت أرسل إليهم النبي ﷺ فأطلقهم وعذرهم، فجاؤوا بأموالهم فقالوا : يا رسول الله هذه أموالنا فتصدق بها عنا واستغفر لنا. قال : ما أمرت أن آخذ أموالكم. فأنزل الله تعالى ﴿ خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم ﴾ يقول : استغفر لهم ﴿ إن صلواتك سكن لهم ﴾ يقول : رحمة لهم، فأخذ منهم الصدقة واستغفر لهم، وكان ثلاثة نفر منهم لم يوثقوا أنفسهم بالسواري فأرجئوا سنة لا يدرون أيعذبون أو يتاب عليهم؟ فأنزل الله تعالى ﴿ لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة ﴾ [ التوبة : ١١٧ ] إلى آخر الآية ﴿ وعلى الثلاثة الذين خلفوا ﴾ [ التوبة : ١١٨ ] إلى ﴿ ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم ﴾ [ التوبة : ١١٨ ] يعني إن استقاموا ».
وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه. مثله سواء.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن مجاهد في قوله ﴿ فاعترفوا بذنوبهم ﴾ قال : هو أبو لبابة إذ قال لقريظة ما قال، وأشار إلى حلقه بأن محمداً يذبحكم إن نزلتم على حكمه.
وأخرج البيهقي عن سعيد بن المسيب. أن بني قريظة كانوا حلفاء لأبي لبابة فاطلعوا إليه وهو يدعوهم إلى حكم رسول الله ﷺ، فقالوا : يا أبا لبابة أتأمرنا أن ننزل؟ فأشار بيده إلى حلقه أنه الذبح، فأخبر عنه رسول الله ﷺ بذلك، فقال له رسول الله ﷺ