أخرج أبو داود في ناسخه وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال : نسخ هؤلاء الآيات ﴿ انفروا خفافاً وثقالاً ﴾ [ التوبة : ٤١ ] و ﴿ إلا تنفروا يعذبكم عذاباً أليماً ﴾ [ التوبة : ٣٩ ] قوله ﴿ وما كان المؤمنون لينفروا كافة ﴾ يقول : لتنفر طائفة ولتمكث طائفة مع رسول الله ﷺ، فالماكثون مع رسول الله ﷺ هم الذين يتفقهون في الدين وينذرون اخوانهم إذا رجعوا إليهم من الغزو، لعلهم يحذرون ما نزل من بعدهم من قضاء الله في كتابه وحدوده.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في المدخل عن ابن عباس في قوله ﴿ وما كان المؤمنون لينفروا كافة ﴾ يعني ما كان المؤمنون لينفروا جميعاً ويتركوا النبي ﷺ وحده ﴿ فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ﴾ يعني عصبة يعني السرايا فلا يسيرون إلا باذنه، فإذا رجعت السرايا وقد نزل قرآن تعلمه القاعدون من النبي ﷺ، قالوا : إن الله قد أنزل على نبيكم بعدنا قرآناً وقد تعلمناه، فتمكث السرايا يتعلمون ما أنزل الله على نبيهم ﷺ بعدهم، ويبعث سرايا أخر، فذلك قوله ﴿ ليتفقهوا في الدين ﴾ يقول يتعلمون ما أنزل الله على نبيه ويعلمونه السرايا إذا رجعت إليهم ﴿ لعلهم يحذرون ﴾.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ﴿ وما كان المؤمنون لينفروا كافة ﴾ قال : ليست هذه الآية في الجهاد، ولكن لما دعا رسول الله ﷺ على مضر بالسنين أجدبت بلادهم، فكانت القبيلة منهم تقبل بأسرها حتى يحلوا بالمدينة من الجهد ويعتلوا بالإِسلام وهم كاذبون، فضيقوا على أصحاب رسول الله ﷺ وأجهدوهم، فأنزل الله تعالى يخبر رسوله ﷺ أنهم ليسوا بمؤمنين، فردهم إلى عشائرهم وحذر قومهم أن يفعلوا فعلهم، فذلك قوله ﴿ ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال : كان المؤمنون يحرضهم على الجهاد إذا بعث رسول الله ﷺ سرية خرجوا فيها وتركوا النبي ﷺ بالمدينة في رقة من الناس، فأنزل الله تعالى ﴿ وما كان المؤمنون لينفروا كافة ﴾ أمروا إذ بعث النبي ﷺ سرية أن تخرج طائفة وتقيم طائفة، فيحفظ المقيمون على الذين خرجوا ما أنزل الله من القرآن وما يسن من السنن، فإذا رجع اخوانهم أخبروهم بذلك وعلموهم، وإذا خرج رسول الله ﷺ لم يتخلف عنه أحد إلا باذن أو عذر.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن عكرمة قال : لما نزلت