قال : فجاءه رجل فذهب به فاسترقه، فلما رأى الغلام البيت عرف الصفة فنزل يشتد حتى تعلق بالبيت، وجاءه سيده فمد يده إليه ليأخذه فيبست يده، فمد الأخرى فيبست، فاستفتى في الجاهلية فافتي ينحر عن كل واحدة من يديه بدنة، ففعل فانطلقت له يداه وترك الغلام وخلى سبيله.
وأخرج الأزرقي عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحرث قال : غدا رجل من بني كنانة من هذيل في الجاهلية علي ابن عم له يظلمه واضطهده، فناشده بالله والرحم فأبى إلا ظلمه، فلحق بالحرم فقال : اللهم إني أدعوك دعاء جاهد مضطر على فلان ابن عمي لترمينه بداء لا دواء له. قال : ثم انصرف فوجد ابن عمه قد رمي في بطنه فصار مثل الزق، فما زالت تنتفخ حتى اشتق، قال عبد المطلب : فحدثت هذا الحديث ابن عباس فقال : أنا رأيت رجلاً دعا على ابن عم له بالعمى فرأيته يقاد أعمى.
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي في شعب الإِيمان عن عمر بن الخطاب أنه قال : يا أهل مكة اتقوا الله في حرمكم هذا، أتدرون من كان ساكن حرمكم هذا من قبلكم؟ كان فيه بنو فلان فاحلوا حرمته فهلكوا، وبنو فلان فاحلوا حرمته فهلكوا، حتى عد ما شاء الله ثم قال : والله لأن أعمل عشر خطايا بغيره أحب إلي من أن أعمل واحدة بمكة.
وأخرج الجندي عن طاوس قال : إن أهل الجاهلية لم يكونوا يصيبون في الحرم شيئاً إلا عجل لهم، ويوشك أن يرجع الأمر إلى ذلك.
وأخرج الأزرقي والجندي وابن خزيمة عن عمر بن الخطاب، أنه قال لقريش : إنه كان ولاة هذا البيت قبلكم طسم، فاستخفوا بحقه واستحلوا حرمته فأهلكهم الله، ثم ولى بعدهم جرهم فاستخفوا بحقه واستحلوا حرمته فأهلكهم الله، فلا تهاونوا به وعظموا حرمته.
وأخرج الأزرقي والجندي عن عمر بن الخطاب قال : لأن اخطىء سبعين خطيئة مزكية أحب إلي من أن أخطىء خطيئة واحدة بمكة.
وأخرج الجندي عن مجاهد قال : تضعف بمكة السيئات كما تضعف الحسنات.
وأخرج الأزرقي عن ابن جريج قال : بلغني أن الخطيئة بمكة مائة خطيئة، والحسنة على نحو ذلك.
وأخرج أبو بكر الواسطي في فضائل بيت المقدس عن عائشة أن النبي ﷺ قال « إن مكة بلد عظمه الله وعظم حرمته، خلق مكة وحفها بالملائكة قبل أن يخلق شيئاً من الأرض يومئذ كلها بألف عام ووصل المدينة ببيت المقدس، ثم خلق الأرض كلها بعد ألف عام خلقاً واحداً ».
أما قوله تعالى :﴿ وارزق أهله من الثمرات ﴾.


الصفحة التالية
Icon