أخرج البزار والطبراني في الأوسط وأبو نعيم في الدلائل عن جابر قال : اجتمعت قريش في دار الندوة فقالوا : سموا هذا الرجل اسماً تصدر الناس عنه، فقالوا : كاهن، قالوا : ليس بكاهن، قالوا : مجنون. قالوا : ليس بمجنون. قالوا : يفرق بين الحبيب وحبيبه، فتفرق المشركون على ذلك، فبلغ ذلك النبي ﷺ، فتزمل في ثيابه وتدثر فيها، فأتاه جبريل فقال :﴿ يا أيها المزمل ﴾ ﴿ يا أيها المدثر ﴾.
وأخرج أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي ومحمد بن نصر في كتاب الصلاة والبيهقي في سننه عن سعد بن هشام قال : قلت لعائشة : أنبئيني عن قيام رسول الله ﷺ. قالت : ألست تقرأ هذه السورة ﴿ يا أيها المزمل ﴾ قلت : بلى قالت : فإن الله قد افترض قيام الليل في أول هذه السورة، فقام رسول الله ﷺ وأصحابه حولاً حتى انتفخت أقدامهم وأمسك الله خاتمتها في السماء اثني عشر شهراً، ثم أنزل الله التخفيف في آخر هذه السورة، فصار قيام الليل تطوعاً من بعد فريضة.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عائشة قالت : نزل القرآن ﴿ يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلاً ﴾ حتى كان الرجل يربط الحبل ويتعلق فمكثوا بذلك ثمانية أشهر فرأى الله ما يبتغون من رضوانه فرحمهم وردهم إلى الفريضة وترك قيام الليل.
وأخرج محمد بن نصر في كتاب الصلاة والحاكم وصححه عن جبير بن نفير قال : سألت عائشة عن قيام رسول الله ﷺ بالليل فقالت : ألست تقرأ ﴿ يا أيها المزمل ﴾ قلت : بلى. قالت : هو قيامه.
وأخرج عبدالله بن أحمد في زوائد الزهد ومحمد بن نصر في كتاب الصلاة عن عائشة قالت : كان النبي ﷺ قلما ينام من الليل لما قال الله له :﴿ قم الليل إلا قليلاً ﴾.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي حاتم ومحمد بن نصر والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال : لما نزلت أول المزمل كانوا يقومون نحواً من قيامهم في شهر رمضان حتى نزل آخرها، وكان بين أولها وآخرها نحو من سنة.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن نصر عن أبي عبد الرحمن السلمي قال : نزلت ﴿ يا أيها المزمل ﴾ قاموا حولاً حتى ورمت أقدامهم وسوقهم حتى نزلت ﴿ فاقرءُوا ما تيسر منه ﴾ فاستراح الناس.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : لما نزلت ﴿ يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلاً ﴾ مكث النبي ﷺ على هذه الحال عشر سنين يقوم الليل كما أمره الله، وكانت طائفة من أصحابه يقومون معه، فأنزل الله بعد عشر سنين ﴿ إن ربك يعلم أنك تقوم ﴾ إلى قوله :﴿ فأقيموا الصلاة ﴾ فخفف الله عنهم بعد عشر سنين.


الصفحة التالية
Icon